تهامة.. سباق محموم بين قيادات تنظيم الحوثي الإرهابي على نهب أراضيها وإحلال ديمغرافي ممنهج

img

 

 

سبتمبر نت/ تقرير- محمد التميمي

 

تتواصل أساليب تنظيم جماعة الحوثي الإرهابية الممنهجة لنهب مزارع وأملاك المواطنين، بعدد مناطق خاضعة لسيطرتها وفي المقدمة منها تلك الواقعة في محافظة الحديدة والتي نالت النصيب الأوفر في جرائم النهب والإذلال لأبنائها المسالمين.

 

ويستمر تنظيم الجماعة الإرهابية الممولة إيرانيًا بأعمال تكريس الفقر، والتجويع، في أوساطهم من خلال نهب أملاكهم، وتحويلهم إلى عبيد لدى عناصرها السلالية.

 

وتعد المصادرة للأراضي والاستيلاء عليها من الهوايات الإجرامية المفضلة لدى المليشيا ضمن مسلسل جرائم نهب الأراضي والعقارات الخاصة والعامة المملوكة منها والموقوفة، لتضاف إلى أملاك قيادات نافذة سياسية وأمنية، تابعة لها.

 

غزوة باجل

 

في أوائل شهر ديسمبر الجاري أقدمت عصابة حوثية مسلحة على قتل وإصابة خمسة مواطنين، أثناء هجمة نفذتها لنهب أراضيهم في مديرية “باجل” في محافظة الحديدة، مؤكدةً مصادر محلية وإعلامية: إن عصابة تابعة لتنظيم جماعة الحوثي الإرهابية ارتكبت جريمة بشعة بحق أسرة “بني عباقة” من أبناء تهامة العزل من أهالي منطقة “المقصع” في مديرية باجل.

 

وأوضحت أن العصابة الحوثية، التي يقودها المدعو “عادل عاطف”، أقدمت على نهب أرض تابعة لأبناء “بني عباقة”، وعندما حاول أصحاب الأرض الدفاع عنها قامت العصابة الحوثية بقتلهم، مؤكدةً: العصابة الحوثية قتلت كلا من: هاشم أحمد هاشم عباقة، ومقبول أحمد مقبول عباقة، فيما أصيب من أسرة بني عباقة كل من: على محمد حسن هاشم، وعدنان محمد مقبول عباقة، ومحمد محمد هاشم عباقة.

 

ووثق أحد المواطنين الجريمة بالفيديو قبل أن يُصاب بطلق ناري ويُغشى عليه، في مشهد مؤلم لاقى تفاعلاً كبيراً، وتحولت إلى قضية رأي عام، مظهراً الفيديو المتداول العصابة المسلحة بجانب “حفار” استقدمته لحفر بئر ماء في الأرض المنهوبة، وحاول الأهالي وقف ذلك، لكنهم تعرضوا لعملية إطلاق نار كثيف.

 

وعقب الجريمة المؤلمة أطلقت أسر الضحايا بيان مناشدة للمنظمات الأممية لحقوق الإنسان والبعثة الأممية في الحديدة بالتدخل للقبض على العصابة وإيقاف عمليات السطو على أراضيهم.

 

ذرائع واهية

 

وتتوالى جرائم تنظيم المليشيا الإرهابية بحق أبناء تهامة، تارة بهدم المنازل السكنية للمواطنين وتارة بنهبها كما حدث في مديرية التحيتا.

 

ومع كل جريمة تقدم المليشيا على ارتكابها بحق أهالي تهامة ومنازلهم، تتحجج بمبررات واهية لهدم منازلهم تمهيدا للاستيلاء على الأرض وتشريد السكان، فمديرية التحيتا التي هدمت المليشيا عددا من منازل أبنائها الشهر الماضي، مستخدمة جرافات عسكرية، بذريعة أنها بُنيت بعد طرد المليشيا من المنطقة، قبل انسحاب القوات المشتركة منها، مدعيةً أنها كانت مساكن لما تسميه العدوان كمبرر آخر لجرائمها في مغالطة واضحة للرأي العام، على الرغم من أنها لا تبرر بحال تلك الجريمة، وأن معظم المباني والأسوار التي طالها الهدم بنيت قبل الحرب بسنوات، لكن حقد المليشيا أعماها وفضح كذبها.

 

وتأكيدًا لحقدها الدفين على كل ما هو جميل وعامر في تهامة أرضًا وإنسانًا لم تكتفِ المليشيا بهدم منازل أهالي مديرية التحيتا، بل امتدت أياديها إلى أراضي الجمعية السكنية لموظفي شركة النفط في محافظة الحديدة.

 

وتداول ناشطون مأساة أسرة أحد موظفي الشركة تعرض مسكنه للنهب من قيادي حوثي يدعى “أبو فاهم” الذي استخدم القوة المفرطة لمداهمة منازل المواطنين، بحسب الموظف الذي تم إخراجه بالقوة من منزله بدون وجه حق.

 

وأوضح الموظف أن القيادي الحوثي داهم بعشرات العربات القتالية مساكن وأراضي أعضاء الجمعية السكنية لموظفي شركة النفط فرع الحديدة وقام بإخراج السكان منها مدعيًا ملكيتها، رغم أن الجميع يعرف أنها من أملاك الدولة من قبل مجيء المليشيا الكهنوتية من كهوفها.

 

وتابع الموظف أن لديه سجلات رسمية معمدة خاصة بالجمعية السكنية التي يسكن فيها مع أسرته من قبل 26 سنة، وأن السجلات الرسمية تثبت أنها أراضي الدولة.

 

تغيير ديموغرافي

 

ومنذ انقلابها على الشرعية الدستورية في العام 2014، عملت المليشيا بكل السبل لمصادرة أراضي المواطنين وعقاراتهم بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، واختلقت لذلك مبررات عدة وذرائع شتى، لكن الهدف من ذلك واحد وهو إجراء تغيير ديموغرافي والإثراء غير المشروع لقادات المليشيا ومشرفيها.

 

ومن أبرز الذرائع التي اعتمدت عليها المليشيا المتمردة للاستيلاء على أراضي المواطنين في عموم البلاد وأراضي تهامة بشكل خاص، ذريعة “العمالة والتعاون مع العدوان” كمبرر واهٍ لنهب الأراضي والعقارات وتحويل ملكيتها لمصلحة قيادات المليشيا ومشرفيها من سلالتها التي تنشط بشكل محموم في الاستيلاء على أملاك المواطنين وأراضيهم.

 

ففي عام 2018م أعلن تنظيم جماعة الحوثي الإرهابية رسميًا تشكيل ما سمتها “لجنة حصر ومصادرة أموال المرتزقة”، تستهدف أموال المعارضين لها، بتهمة التعاون مع التحالف “.

 

وتنفيذًا للتعليمات وتماشيًا مع تشكيل تلك الهيئات، فقد شرع الحوثيون في نهب وحجز عدد من أراضي المواطنين في محافظات عدة، بحجة ملكيتها لأسر سلالية، رغم وجود وثائق تثبت ملكية المواطنين الذين صودرت أراضيهم، حيث تم انتزاع تلك الأراضي ومصادرتها بقوة السلاح وتحويل ملكيتها لمصلحة السلالة أو شخصيات نافذة تدين بالولاء لها.

 

ما وراء النهب

 

وتمثل تلك الأراضي والعقارات التي تتم مصادرتها والاستيلاء عليها مصدرًا مهمًا لإثراء قيادات المليشيا، لا سيما الأراضي ذات المواقع المهمة، والتي عادة ما تكون أسعارها خيالية، والتي تقع ضمن المدن الحيوية وعواصم المحافظات.

 

ويرى باحثون ومهتمون بهذا الشأن ان المليشيا تهدف من خلال حملاتها المسعورة في نهب الأراضي إلى توجيه رسائل للمواطنين وإرهاب الخصوم والمعارضين لسياسة المليشيا القمعية أو الذين لا يدينون بالولاء لها أو حتى أولئك الذين يفضلون الصمت، بأن ممتلكاتهم وعقاراتهم ستكون عرضة للمصادرة والنهب، في حال بدر منهم أي تبرم أو موقف لا يتوافق مع ممارسات المليشيا وسياستها الإجرامية وأساليب الاستحواذ الممنهجة.

 

وفي مديرية الضحي شمال مدينة الحديدة، أقدمت مليشيا الحوثي مؤخرًا على مصادرة وتجريف مقبرة المحيصم والأراضي المحيطة بها في جريمة جديدة لتحويل أراضي الأوقاف إلى أراض خاصة بالسلالة الكهنوتية.

 

وتحدث سكان محليون إن مليشيا الحوثي حولت المقبرة، وعبر مدير الأوقاف مهدي قيم والمدعو قحيل، وابو اسلان، والمنتحل صفة مدير مكتب الأوقاف بمحافظة الحديدة الملقب بروح الله والمدعو ابو الملايين وعدد من مشرفي مليشيا الحوثي، حولوا مقبرة المحيصم إلى أطلال ومناطق ممسوحة، بعد أن دكوا المقابر بعدد من الشيولات والجرافات، بالرغم من محاولات سكان القرى الوقوف أمام حملة النهب، والتجريف إلا أن مليشيا الحوثي المدججة بالسلاح، أقدمت على  تسوية مقبرة المحصم وسحقت عظام الموتى كما تشير المصادر المحلية وكذا الصور التي وثقت، جريمة تحويل المقبرة  إلى مزرعة خاصة بقيادة مليشيا الحوثي القادمة من محافظة صعدة وأخواتها.

 

وأفاد سكان محليون، بأن هذه الجرائم والانتهاكات التي، طالت حقوق وممتلكات الأحياء طالت قبور الموتى ونبشتها وسحقت عظامهم، ونهبت أراضٍ بعضها ملك للمواطنين وأخرى هي وقف ومنها مقبرة قرية المحيصم في مديرية الضحي والتي تقع شرق المديرية، وتقدر بحوالي 20  معادا.

 

ووفقًا للمصادر فإن المليشيا أقدمت على تجريف قبور الموتى بالشيولات وإخراج عظام الموتى ورفاتهم في مشهد، مروع وغير مسبوق.

 

وذكرت مصادر محلية أن عشرات المواطنين خرجوا غاضبين ووقفوا أمام الآليات التي تجرف قبور آبائهم وأمهاتهم وابنائهم ولم يجدوا من ينصفهم فالنهابة هم قادة النهب، الذين يقولون للسكان بأن هناك أوامر من عبدالملك الحوثي زعيم المليشيا.

 

جريمة تسوية مقبرة المحيصم ليست الحادثة الوحيدة في، مديرية الضحي الواقعة شمال الحديدة، ولكنها امتداد إلى سلسلة سوداء من عمليات النهب والفيد والمصادرة التي مارستها مليشيات الحوثي في مديرية الضحي والمديريات الشمالية على امتداد 8 سنوات من استيلائها على محافظة الحديدة.

 

نهب منظم

وفي هذا الصدد قال رئيس منتدى تهامة حسين الأهدل: إن “مليشيا الحوثي استغلت ما تنعم به هذه المديريات من موقع استراتيجي على ضفاف وادي سردد الذي تغذي مزارعه، الجمهورية اليمنية  بالحبوب والفواكه والخضار والمواشي، لتقوم بمصادرة  المزارع الحكومية وخصخصتها لكبار مشرفي المليشيا القادمة من محافظات صعدة وحجة، والسطو على مباني ومجمعات سكنية تابعة للبحوث الزراعية والثانوية الزراعية، ولم تسلم من هذه الجرائم والنهب المنظم لمزارع المواطنين والمستثمرين.

 

تحويل المزارع إلى ثكنات

 

يضيف الأهدل، إن قادة مليشيا الحوثي اتخذوا من بعض المزارع معسكرات تدريبية ومخازن لصواريخهم البالستية التي تهدد الملاحة البحرية ودول الجوار، وسطوا على أراضي الأوقاف التي تعد بعشرات الكيلومترات حيث تم السطو على مساحات شاسعة من أراضي المواطنين شرق مديرية المنيرة وأراض شاسعة تقع على الساحل الشمالي، وسطوا على منازل المواطنين وآخرها الاستيلاء على مساحات شاسعة غرب قرية المحيصم، وكذلك المقابر الواقعة شرق قرية المحيصم، التي استولت عليها المليشيا وحولتها إلى مزرعة لأحد المشرفين من صعدة.

 

وأفادت مصادر محلية أنه لا يوجد في الجمهورية اليمنية مديرية نهبت مزارعها وأراضيها مثل مديرية الضحي بمحافظة الحديدة حيث تحولت أكثر من 50 مزرعة إلى ثكنات عسكرية وأخرى امتلكها المتنفذون الحوثيون، بقوة السلاح وطرد ملاكها أو زج بهم في السجون بداية من استيلائهم على الجمعيات ومنازل المواطنين وقتل من طالب بخروجهم باعتبارهم امريكيين ومع العدوان حسب ادعائهم.

 

ومنذ سيطرتها على محافظة الحديدة توسعت مليشيا الحوثي في عمليات النهب، ومصادرة الأراضي والمزارع والممتلكات العامة والخاصة بأبناء تهامة.

 

جاء ذلك بعد شهر من إقدام مليشيا الحوثي الارهابية على تهجير وتجريف أراضي السكان في مناطق، القصرة ببلاد الزرانيق جنوبي الحديدة، وكذا أراضي مديريات بيت الفقيه والمراوعة وباجل والحالي والحوك والدريهمي والتحيتا وزبيد، وسط مرأى ومسمع كل الجهات المحلية والدولية التي تقف متفرجة ازاء هذه الجرائم التي يصفها المواطنون بجرائم حرب مسكوت عنها، في ظل صمت أممي مريب.

 

سطو واختطاف

 

في سبتمبر الماضي، داهمت المليشيا الإرهابية قرى منطقة القصرة الساحلية بمديرية بيت الفقيه جنوبي محافظة الحديدة بقوة عسكرية كبيرة مكونة من 30 طقماً (عربات عسكرية) محملة بالمسلحين، ومصحوبة بـ8 جرافات قامت بجرف أراض تابعة للمواطنين.

 

وأفادت مصادر متطابقة أن عملية الاقتحام حدثت وسط إطلاق نار كثيف من قبل العناصر الحوثية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، أسفرت عن سقوط عدد من الإصابات من الأهالي، كما داهمت أيضاً منازل مواطنين واختطفت العشرات منهم وأفزعت النساء والأطفال.

 

وطبقًا للمصادر، بلغ عدد المختطفين في تلك المداهمات نحو 70 شخصًا من أبناء تلك القرى زجت بهم المليشيا في السجون، فيما انتشرت الأطقم العسكرية في قرى المنطقة كحماية للجرافات التي جرفت مساحات واسعة من الأراضي والمراعي والسواقي التابعة للمواطنين، فيما قامت عربات أخرى بملاحقة مواطنين حاولوا منع المداهمة وجرف الأراضي، وتسببت بنزوح أسر العديد من المواطنين الملاحقين من المنطقة إلى مناطق مجاورة للساحل شمال وشرق وجنوب بيت الفقيه نتيجة لكثافة النيران التي أطلقتها المليشيا والمداهمات والاختطافات التي نفذتها على الأهالي في تلك الحملة.

 

وتسعى المليشيا إلى مصادرة أراض واسعة تعتبر مصدر معيشة للمواطنين، تبلغ مساحتها أكثر من 10 كيلومترات، ويستفيد منها أكثر من 5 آلاف مواطن وهي مساق ومراع للمواطنين منذ مئات السنيين، وفقًا للمصادر.

 

وعادة ما تتم عمليات السطو وبشكل واسع على أراضي المواطنين بقيادة نافذين حوثيين غالبيتهم من محافظات شمال الشمال كصنعاء وعمران وصعدة وذمار، مستغلين نفوذهم وانتماءهم للمليشيا السلالية، واستغلال ضعف الكثير من الضحايا في محافظة الحديدة للاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم.

 

آثار كارثية وألغام اجتماعية

 

ويرى مراقبون أن عمليات السطو على الأراضي التي ينشط الحوثيون فيها في عدة محافظات وتغيير الملكية والاستحداثات الجارية في الأملاك وعملية البيع والشراء التي تتم بشكل واسع خارج القانون، من شأنها أن تخلف آثارا كارثية على المدى القريب والبعيد وعلى كافة المستويات لا سيما الاجتماعية والقضائية.

 

ووفقا للمراقبين فإن مصادرة أملاك الناس وبيعها أو البناء عليها ستكون سببا لألغام اجتماعية مؤجلة، وبؤرا لتوترات مستقبلية، وستترك مجتمعا مفخخا بالضغائن، مليئا بالأحقاد والتربصات، خصوصًا مع وجود وثائق ثبوتية تثبت أحقية من تمت مصادرة أراضيهم، وعقود للبيع والشراء، وستثقل كاهل المحاكم بأكوام من ملفات المظالم نتيجة لتلك الجرائم التي تتم بشكل متكرر على أيدي مليشيا النهب والفساد والتي لا تسقط بالتقادم، لا سيما ما تحمله بعضها من طابع إنساني صرف، إذ إن بعض من صودرت أراضيهم وعقاراتهم أفنوا أعمارهم وأموالهم من أجل شراء أراضيهم تلك.

 

يأتي ذلك بالإضافة إلى العبء الاقتصادي الكبير الذي ستورثه تلك الجرائم للدولة في حال تغيرت الأوضاع السياسية، والأموال الطائلة التي تتطلبها المرحلة في سبيل التسويات ومحو آثار تلك الجرائم وفض النزاعات والخصومات ومعالجة الإشكالات، بالإضافة إلى وضع أعباء أخرى ومعوقات وعراقيل كبرى في طريق بناء الدولة الحديثة، وقضايا أكثر تعقيدًا لا يمكن تجاوزها بسهولة.

مواضيع متعلقة

اترك رداً