علـمـاء ودعـــاة اليـمن يكــشـفـون لـ« سبتمبر نت» أسـرار ودوافع احتفالات الحـوثي بالمولد النبوي

img

سبتمبر نت/ استطلاع –  قائد الحسام

ما يجري اليوم في بلادنا تحت يافطة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من ترتيبات وتجهيزات جيش لها الحوثي كل الإمكانيات المادية والبشرية في مختلف أجهزة الدولة التي اغتصبها؛ يعد قطرنة بنسختها الجديدة الخضراء لقياس مدى زنبلة الناس وتركيعهم للوجه الإمامي الجديد القديم. مناسبة المولد التي ظاهرها الدين وحب النبي وباطنها الثراء الفاحش وجمع المليارات للقيادات الحوثية، وإيصال رسائل للداخل والخارج بأنه المسيطر على زمام الأمور وجموع الناس، كما لوكان الناس خرجوا للاحتفال طواعية وولاء للحوثي. احتفال الحوثي من ورائه أسرار وأهداف ودوافع ليست معلنة لكنها معلومة وواضحة لدى كل ذي بصيرة  ووعي، ولإن الاحتفال ألبسه الحوثي عباءة الدين.. “26سبتمبر” أجرت استطلاعا مع عدد من علماء ودعاة اليمن ووجهت لهم أسئلة الاستطلاع التالية:

– ما هي الأسرار والأهداف والدوافع الخفية للاحتفاء بهذه المناسبة عند الحوثي والتحشيد والتجييش لها؟

– ما مصير الأموال الباهظة التي يتم جبايتها جبراً من الشركات والمؤسسات والمحال التجارية ورجال المال والأعمال والأفراد؟ وهل يجوز أخذها من الناس عنوة؟

– هل ما يعمله الحوثي اليوم مؤشرا سليما للتعبير عن حب النبي والاحتفاء به؟ وماهي الطريقة الصحيحة للتعبير عن حبنا لرسول الله والاحتفاء به؟

وكانت إجاباتهم على النحو التالي:

مجهود حربي وإثراء المتنفذين

يقول الشيخ/ أحمد المعلم نائب رئيس هيئة علماء اليمن: “عادة الميلشيات الإيرانية في اختلاق المناسبات واستثمارها سياسيا وطائفيا كما يستثمرون ما يسمونه بيوم الغدير وعاشوراء وغيرهما من المناسبات؛ فدينهم قائم على الحقد لمن يخالفهم، واستغلال أي فرصة للتأليب عليه”.

ويواصل المعلم حديثه لـ”26سبتمبر قائلاً: “لكن مناسبة المولد هناك مفارقات عجيبة عند إيران ومليشياتها في المنطقة؛ يزعمون أنهم يحبونه وهم ينكرون سنته، يزعمون أنهم يحبونه وهم يطعنون في عرضه، يزعمون أنهم يحبونه وهم يبغضون أحب الناس إليه، يزعمون أنهم يحبونه وهم يخالفون هديه”.

ويضيف: “وهناك مفارقة بينهم وبين من يقيمون الموالد، لا يقيمون الموالد مثل سائر النحل، هم ينفقون الأموال ويساعدون المحتاجين وهؤلاء باسم المولد ينهبون أموال التجار ويفرضون عليهم المكوس بغير حق، وتلك الأموال الطائلة لا أحد يعرف بالدقة ماذا يفعلون بها؟! لكن أقرب الاحتمالات أنها تذهب لما يسمونه المجهود الحربي، يعني لتقتيل أبناء اليمن، والاحتمال الثاني أنهم يأخذونها إلى جيوب المتنفذين منهم، وعلى كلا الاحتمالين فيحرم دفع الأموال إليهم في حال الاختيار، وما يفعلونه ليس تعبيراً عن حبهم له، ولا يمكن أن يمتلئ قلب بمحبته وفيه الخصال المذكورة أعلاه، والتعبير عن محبته يكون بمحبة من يحب، وباتباع هدية ونصرة سنته، والإيمان بكل ما ثبت عنه”.

 

أكل أموال الناس بالباطل

من جهته قال مفتي مدينة عدن الشيخ علي بارويس: “إن فرض الحوثيين الأموال من أكل أموال الناس بالباطل، فلا زلنا في اليمن نعاني من آثار الانقلاب الحوثي ومن تسلطه على الناس، وفرض آرائه ومعتقداته بالقوة، وتغيير البيئة المجتمعية والثقافية وارتهانها لمشاريع خارجية حاقدة على الشعب اليمني المسلم المسالم بطبعه وفطرته، ولذا رأى العقلاء أن سبب استغلاله لمناسبة المولد النبوي ما هو مألوف من الاحتفال الطوعي مع ما فيه من مخالفات شرعية، ولم يكن من هدي علماء الأمة المحققين لكن زاد عليها أمر آخر وهو فرض هذا الاحتفال بالقوة على الناس وإجبارهم على المشاركة بالمال والنفس، وهو بهذا يحاول استغلال هذه المناسبة سياسيا لتكريس دعواه في الحق الإلهي في الحكم وانحصاره في البطنين، فيرى أن الاحتفال بهذه المناسبة يسير في اتجاه تقوية مشروعيته في أوساط المجتمع”.

ويضيف في حديثه لـ”26سبتمبر”: “ولا يخلو الاحتفال من دخول معتقدات دخيلة على المجتمع اليمني للتأثير على ثقافته وعقيدته وفرض أموال على الشركات والمؤسسات والافراد لا على سبيل الندب بل على سبيل الوجوب والحتم وهو من اكل أموال الناس بالباطل ومن يتعدى تعديا صريحا على أموال الناس المعصومة إنفاقها في غير وجوهها المشروعة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الظلم والتعدي، كما أنه من المحدثات التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم منها، لقوله: (وإياكم ومحدثات الأمور؛ فان كل بدعة ضلالة…) الحديث، والطريقة الصحيحة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم هي بالاقتداء به والسير على سنته اعتقادا وقولا وعملا (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)”.

 

استعباد وتسلط

الشيخ محمد بن علي راجح عضو جمعية علماء اليمن قال من جهته: “الأسرار والأهداف والدوافع الخفية للاحتفاء ببدعة المولد النبوي تتلخص بنقاط أربع هي-نشر البدع والضلالات والعقائد الجارودية الاثني عشرية الشركية بكاملها ومن ذلك دعاء الأموات والاستغاثة بهم واستقبال الأضرحة والقبور وإحياء الاحتفاء بالغدير وعاشوراء وغيرها. – جمع الأموال والإتاوات والمكوس والضرائب والجمارك والتبرعات والصدقات بالحديد والنار والقوة والقسر والقهر ومصادرتها فجزء لإحياء هذه البدع والأكثر للعصابات والمليشيات والمشرفين والشعب يموت جوعاً وفقراً وذلاً وهواناً. – الوصول إلى السلطة وإخضاع الرقاب واستعباد الناس والتسلط عليهم وإذلالهم وإخضاعهم – الهيمنة والتركيع والإخضاع لكل من خالفوهم وأن من لم يحتفل ببدعة المولد البدعي فهو عندهم يكره النبي صلى الله عليه وسلم وعلى إثر ذلك فهو كافر حلال الدم حلال العرض حلال المال مباح يفعلون به مايشاؤون”.

وعن مصير الأموال التي تجمعها مليشيا الحوثي قال بن راجح: “مصير هذه الأموال الباهظة التي يجبر الناس على دفعها على قسمين الأول منها وهو القليل لإقامة طقوس البدعة والثاني وهو الأكثر لعصابات ومليشيات الحوثي نهبا وغصبًا واختلاساً وحيلةً وما يفعله الحوثي مؤشرا خطيرا للتعبير عن ابتزاز ونهب وسلب وغصب وقهر وذل الناس وذلك بأخذ أموالهم وإفساد دينهم ونشر البدع والضلالات والشركيات والمخالفات الموصلة إلى الإلحاد والزندقة والنفاق لأن الجاهل إذا ظن أن هذا هو دين الله الحق الذي جاء من الله تعالى كره وبغض الدين وانحرف وزاغ وضل وكفر وتزندق لأن هذه الأفعال الحوثية البدعية من شاهدها رفضها وردها وكرهها ولربما كفر ونافق وتزندق والعياذ بالله لما يرى من عنصرية سلالية وابتزاز ونهب وخرافة وضلال وجهل وغير ذلك”.

ويختتم بن راجح حديثه لـ”26سبتمبر” بالقول: “الله المستعان إذن فهذا ليس حباً للنبي صلى الله عليه وسلم بل هو إفساد للدين والدنيا وتخريب وتدمير للمعتقدات الصحيحة وإحلال الضلال والزندقة محل الدين والإسلام والشرع والهدى والنور”.

 

مولد المليارات

أما الشيخ محمد الحزمي عضو مجلس النواب وناطق هيئة علماء اليمن فقال: “الحوثي في حالة حرب يحتاج المليارات التي يجمعها باسم المولد تخيلوا لو معنا في المحافظات التي تحت سيطرة الحوثي مليون متجر وكل متجر دفع 3 آلاف ريال يعني سيجَمع 3 مليار ريال”.

وأضاف الحزمي: “إيران قلب التشيع لا تحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها لا تحتاج لذكرى جمع المليارات كما يفعل الحوثي بسبب سيطرتها على كل ثروات البلاد، اذن الاحتفال ليس مسألة عقدية عندهم بل استثمارية”.

ويؤكد الشيخ الحزمي قائلا: “الخلاصة : احتفال الحوثي بالمولد هو مولد المليارات وليس مولد النبي، اما النبي لو كانوا صادقين بحبه لصانوا عرضه من القذف، وصحابته من اللعن والسب، وأتباعه من القتل، واتبعوه بإحسان”.

 

كذب وزور

من جهته يقول الباحث والكاتب الشيخ/ أنور الخضري: “الأسرار والأهداف والدوافع الخفية للاحتفاء بهذه المناسبة عند الحوثي والتحشيد والتجييش لها، هي ترسيخ العلاقة بين الفكر الحوثي والنبي ورابطة النسب به لخلق نوع من القداسة والهالة والمشروعية في نفوس الاتباع والناس هدف لهذه الفعاليات التي يتم تمريرها على البسطاء والعوام. فهم يعلمون أن فعالهم وأعمالهم لا تؤهلهم للقيام بمسؤولية السلطة وأمانة الحكم الذي اغتصبوه عنوة على الشعب بدون وجه حق فيعودون لمثل هذه الأساليب البدعية لاكتساب شيء من المشروعية. فالتشيع نوع من غسيل الدماغ حيث يصبح الفكر معطلا عن البحث والسؤال والتحليل والنقد خاضعا للخرافة والهالات المصطنعة حول الأشخاص والسلالات بصيغة دينية تعطيهم وصفا فوق البشر”.

وأضاف الخضيري: “وأما مصير الأموال الباهظة التي يتم جبايتها جبرا من الشركات والمؤسسات والمحال التجارية ورجال المال والأعمال والأفراد؟ وهل يجوز أخذها من الناس عنوة؟ فلا يجوز أخذ أموال الناس بغير وجه حق وهذه الجبايات التي تؤخذ باسم المولد وغيره ليست مما فرض في القرآن الكريم أو السنة النبوية ولكنهم يستحلونها باسم النبي صلى الله عليه وسلم كذبا وزوراً. وهي في الحقيقة تذهب لخدمة المتنفذين منهم وتعود على مقاوليهم الذين يتاجرون باسم الدين وشيء بسيط منها يصرف في احتفالات لا تغني ولا تسمن من جوع وخوف وجهل. وعوضا عن إعطاء الناس مستحقاتهم من الرواتب والأموال العامة والإحسان إليهم في ظل الأزمات التي خلفتها حروبهم العبثية إذ بهم يأكلون الأخضر واليابس على الناس. وهذه نتيجة كل مال أخذ من سحت وبباطل”.

وواصل الخضيري حديثه قائلاً: “فمن أحب النبي صلى الله عليه وسلم عليه أن يقتدي بفعاله لا أن يتسلق على نسبه ويتعيش باسمه في حين أن أخلاقه وأقواله وأفعاله لا تمت لأخلاق وأقوال وأفعال إنسان سوي فضلا عن نبي كريم وهاد رحيم، ما قيمة المحبة والمخالفة لمنهجه والمعصية لأوامره وتشويه صورته هو ما يبثه هؤلاء الجهلة الفسدة الظلمة؟! لو صدقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبوه لقاموا بمقتضيات المحبة، بأن يناصروا دينه وأمته ويحيوا سنته ويقتدوا به ويكفوا ظلمهم وفسادهم وقتلهم وإجرامهم ضد الناس. فموجب المحبة الطاعة والاتباع وليس الابتداع والمخالفة والإجرام.. وما أغنى الرسول عن أمثال هؤلاء فسيرته العطرة خير وأجل من نتن سيرتهم وفعالهم القبيحة”.

 

الإسلام جاء لتحرير الانسان من العبودية

الشيخ الخضر بن حليس عضو مؤتمر الحوار الوطني من جانبه قال: “جرت عادة إيران وأدواتها ومليشياتها ركوب مثل هذه المناسبات والاستفادة من تلك الطقوس والخرافات لاستدرار الاموال من البسطاء لتمويل مشروعاتهم الفكرية واستمرارا لتربحهم غير المشروع من مثل هذه الطقوس والمناسبات.. ومصير هذه الأموال وسيلة من وسائل الربح والتمويل للشخصيات الكبرى التي تقود مثل هذه المشاريع لبقاء التزييف وإغفال العقل وتغييبه ايضا.. وما يقوم به الحوثي ليس مؤشرا سليما، وإنما هو تغييب للعقل المسلم بتحويل الإسلام إلى شركة عائلية وطبقاتية سلالية آسنة”.

وأضاف ابن حليس: “الإسلام جاء لانتزاع الإنسان وتحريره من العبودية بكل أنواعها وإعلان مسار التوحيد النقي الذي لا تلوث فيه، الإسلام جاء يسترد انسانية الإنسان ويحيي الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، لم يأت الإسلام لمثل هذه الخرافات ولا لنشر الطائفية ولا لتضييق حياة الإنسان وتعقيدها بمثل هذا السلوك التافه الذي يمارسه الحوثيون”.

واختتم بن حليس حديثه بالقول: “الحوثيون للأسف قدموا المولد النبوي كورشة احتكارية يتم من خلالها تلوين الناس وتجييشهم معنويا وماليا لتمويل مشروعهم السلالي الآسن وإحياء نزعات الجاهلية بين العباد.. نحن نراهن على الوعي بين الناس وعلى رفض الله التام لمثل هذا التغييب الجاهلي (ويأبى الله إلا أن يتم نوره)”.

 

البعد السياسي والاقتصادي للمولد النبوي عند الحوثي

أما الباحث في الفكر الإسلامي د. كمال القطوي فتحدث بنوع من التفصيل، حيث أشار في مقدمة له إلى “أن هنالك جدلا قديما بين الشكل والمعنى، ففي حين تكرس رسالة التوحيد الاعتناء بالمعنى تنزع الوثنيات إلى إبراز الأشكال والرموز ومن ثم تصمم الطقوس التي تحتفي بالأشكال والرموز، وأكبر مظهر لهذا التباين بين المنظور التوحيدي والمنظور الوثني يتمثل في نتاج الحضارات، فالحضارة الإسلامية وقلبها التوحيد اهتمت بإنتاج المعاني بينما احترفت الحضارات الوثنية التجسيد والأشكال والطقوس، ولذلك غرقت المسيحية في الطقوس المتكررة والأعياد والتماثيل لتجتذب الناس إلى ساحتها، وتحافظ على دورانهم حول القسس والباباوات، ومرد قبول الناس لهذه وتلك؛ عائد إلى مستوى نضج الإنسان، فكلما ارتفع مستوى النضج تجاوز الإنسان الأشكال والطقوس واهتم بالمعنى، وكلما انحدر الإنسان تكالب حول الأِشكال والطقوس”.

وأضاف: “هذا مدخل مهم لفهم ظاهرة المولد النبوي وعاشوراء وغيرها من الاحتفالات التي يبالغ فيها التيار الخرافي في أمة الإسلام، ومرد ذلك إلى خواء المعنى عند هذه الطوائف، وتناقض المنطق مع المنظور القرآني، فيعمدون إلى التغطية على هذا التناقض بإشباع عاطفي يمنحهم المشروعية والتفاف الجماهير حولهم، ويُنسي الجماهير همومها الحقيقة من حريات وحقوق وتنمية، فيغرق الوجدان المسلم في الطقوس المزيفة، ويغيب العقل عن الوعي بواجب اللحظة، وتُلهى عن مناكشة الطغاة والمستبدين لأنها تجد سلوتها في الذهاب إلى هذه العزاءات المستمرة”.

وأوضح الدكتور كمال أن الأبعاد السياسية للمولد عند الحوثي تتمثل في عدد من الأمور منها:

– ترسيخ الشرعية الدينية للحكم الحوثي، إذ الرسالة التي يوحيها المولد الحوثي، أن ابن رسول الله وقائد المسيرة القرآنية – كما يزعمون – يحتفي بمولد جده، ومن مقتضيات طاعة الجد والاحتفاء به، أن يُطاع الحفيد ويتبع.

– إلهاء الجماهير بالطقوس العاطفية، للتغطية على الفشل السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تتكبده المليشيا، ففي المولد شحنة عاطفية تروي ظمـأ الجماهير العطشى لتحقيق مقاصد ما تسمى ثورة 21 سبتمبر “كما يصورها الحوثي لاتباعه”.

– تحشيد المقاتلين وتعبئة الجبهات بالأطفال الذي يسقطون في فخ المولد، ويكونون فريسة سهلة للاصطياد بعد الشحن العاطفي الذي يتم في المولد، وقد كشفت العديد من التقارير أن المولد واحدة من أدوات الحشد والتعبئة لدى مليشيا الحوثي.

– التغطية على الحقيقة اللادينية للمشروع الحوثي، من خلال الشعائر الدينية، فجوهر المشروع الحوثي مشروع لا ديني ” يعادي جوهر الدين الإسلامي من خلال تجهيل الناس، ومحاربة دور القرآن وتهجير علماء الإسلام وإِشاعة الفساد الخلقي والمالي، وتصنيم فئة من دون الناس لتكون هي الممثل للدين في الأرض”؛ وقد لاحظ الناس قديماً وحديثاً هذا الانبتات بين المشروع الحوثي والتدين، وهم يلاحظون نوعية الأفراد الذين يجتذبهم الحوثي وأغلبهم من قطاع الطرق والأحداث وأصحاب السوابق، فتأتي مثل هذه الطقوس لتضفي صبغة دينية على حركة الحوثي وأتباعه.

– إضفاء الشرعية السياسية و الجماهيرية للانقلاب، فبمثل هذه الاحتفالات يرجو الحوثي من خلالها إيصال رسائل للمجتمع الدولي بأن الجماهير معه، والشعب يستجيب لندائه في كل موسم، وأن الشرعية شرعية الشارع المحتشد خلف الحوثي،  ومن هنا نفهم التغطية الإعلامية الضخمة التي ترافق المولد، وكشف القطوي عن الأبعاد الاقتصادية مبينا انها تتركز في:

– تغطية نفقات الحركة الحوثية، إذ الاحتفال يمنحه الحركة مورداً جديداً وبنداً لم يكن في بنود موازنة الحكومة اليمنية، ورغم غياب الأرقام الدقيقة لحجم النهب والسلب باسم المولد النبوي، إلا أن بعض المراقبين يقدرون أنها تصل لمئات الملايين لعموم دائرة الجباية باسم المولد النبوي، بل أن بعض مدراء المدارس ألزموا جميع الطلاب بدفع ضريبة المولد، وإلا تعرضوا للإيذاء.

– إشباع حاجات الأتباع، فالحركة الحوثية تقتبس من الإمامة فكرة تمويل العساكر والأتباع من خلال إطلاق أيديهم في أموال الناس جباية وجمعاً، فيتشكل ولاء متين من قبل الأتباع لقيادة الحركة باعتبارها تمنحهم شرعية النهب والسلب، كما أن في توريطها لهذه العصابات في مثل هذه الأعمال الإجرامية يجعل المصير واحد، فينعقد الولاء لقيادة الحركة الحوثية ومسيرتها حتى لا تقع هذه العصابات تحت طائلة المساءلة المجتمعية حال سقط مشروع الانقلاب.

– ممارسة الإذلال للمناطق الرافضة للانقلاب، من خلال الإتاوات التي تجمع باسم المولد، إذ تمثل ضريبة المولد واحدة من أدوات إخضاع المجتمع الرافض للانقلاب، وتطبيعه للقبول بالأمر الواقع، واستنزافه مالياً بكل وسيلة، حتى يفقد القدرة على المقاومة، أو يهاجر أحراره وتجاره، فيسقط تحت هيمنة شاملة لمشروع الانقلاب وفي ضريبة المولد ترسيخ للولاء لدى الأتباع، بحيث تتأكد الحركة من مدى ولائهم، واستعدادهم لدفع رسوم رمزية لإثبات قناعتهم بالمسيرة الانقلابية وفكرها، وإن كانت رسوما رمزية للتأكد وترسيخ القناعات الطائفية لا أكثر.

و يخلص د. القطوي إلى أن جذر الأزمة كامن في عقلية توثين دين التوحيد، واستخدام هذه الطقوس المبتدعة لتخدير الجماهير وإلهائها عن قضاياها المشروعة في التحرر والتنمية والعدالة.

مواضيع متعلقة

اترك رداً