الألغام الحوثية .. موت متربص وقاتل أعمى

img

 

 

سبتمبر نت/ قاسم الجبري

 

مشروع موت يجيد حصد الأرواح وتظل قاتلة حتى وإن تم طردها من المناطق فثمة موت معلب تركته مليشيا الحوثي يتربص بكل كائن حي بشرا أو طيرا أو حيوانا.

 

لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن ضحايا الألغام الحوثية في محافظات مختلفة ومناطق متعددة وتلك جريمة حرب تستوجب تحركا جادا من المجتمع الدولي لإنقاذ الأهالي من خطر تلك الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي وفخخت بها البر والبحر والمزرعة والبيت والمدرسة والمسجد والطريق العام وحتى آبار المياه!.

 

تفنن في صناعة الموت

أنواع مختلفة صنعتها مليشيا الحوثي بأحجام وأشكال مختلفة ومموهة فثمة ألغام مضادة للآليات ويطلق عليها ألغام “م- د” وهناك ألغام مضادة للأفراد وهناك ألغام محورة تستهدف الآليات أيضا لكن المليشيا وضعت لها دائرة كهربائية ومصدرا للطاقة فأصبحت تنفجر بالأفراد وهناك عبوات ناسفة تم ربطها بقنابل طيران ولها تأثير تدميري كبير جدا على البشر والممتلكات والطرق والجسور والعبارات في الطرق الرئيسية وهناك مواد متفجرة تي إن تي واستخدموا مادة السيفور ونترات الأمونيوم وتم وضعها في أشكال مموهة وبسببها سقط ضحايا كثر.

 

الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في بادئ الأمر مستوردة وقبل نهاية 2015 وجدت ألغام لا توحي بأنها مصنوعة في الخارج ويذهب الظن أنها صناعة محلية وهي تشابه الألغام التي يصنعها حزب الله والإيرانيون ما يعني أن هناك خبراء من إيران وحزب الله يصنعون تلك الألغام وهي منتشرة بكثافة في كل منطقة وصلت إليها مليشيا الحوثي فقد قاموا بتفخيخ كل شيء حتى منازل المواطنين والمنشآت الحكومية والتعليمية كالمدارس.

 

17 محافظة ملوثة

المعايير التي تعمل بها المليشيا الحوثية هي المناطق التي ترى أنها ذات ثقل ووزن وعالية التأثير وبالنظر إلى ذلك نجد محافظات الحديدة وتعز وأيضا محافظة عدن كانت في يوم ما عالية التأثير من خطر الألغام وكذا محافظة لحج ثم محافظات مأرب والجوف والضالع وهناك محافظات تأثرت عدد من المديريات فيها بزراعة الألغام مثل محافظة أبين وشبوة والتأثير وصل إلى كل منطقة وصلت إليها مليشيا الحوثي.

 

تقول تقارير منظمات حقوقية إن الحوثيين زرعوا ما يقارب بين مليون ونصف ومليوني لغم في مساحة ممتدة على 17 محافظة يمنية.

 

تقرير سابق لتحالف رصد كشف عن تصدر تعز لقائمة المحافظات التي تضررت بسبب الألغام سواء من حيث العنصر البشري أو الممتلكات والمباني، تلتها مأرب ثم عدن، ومن بين تلك المباني يرصد التقرير تفجير 12 مدرسة ومركز تعليم قرآن كريم.

 

رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات عرفات حمران يقول: إن المليشيا الحوثية تستخدم ٣٠٠ مدرسة لتصنيع الألغام في خرق واضح لاستخدام الأعيان المدنية، لأنها تعلم بأنها أعيان مدنية لن يستهدفها الطيران” مشيراً إلى أن استخدامهم للمدارس يأتي بعد خلوها من الطلاب وتسريح 4.5 مليون طالب من التعليم.

 

ويؤكد حمران استخدام الأطفال في زراعة الألغام”، مضيفاً: “الأطفال هم أكثر الضحايا من هذه الحرب، وكثير من أسرى الحوثي من الأطفال اعترفوا بأنهم كانوا يتدربون على زراعة وصناعة الألغام بل طفل عمره ١٤ سنة عرف نفسه بـ خبير متفجرات!”.

 

مليونا نازح

 

مليونا مدني اضطروا للنزوح بسبب زراعة المليشيا ألغاما بالمزارع والقرى ويؤكد مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام العميد الركن أمين العقيلي أن العدد أكثر من ذلك بكثير فهناك مناطق كثيرة ملوثة بالألغام وهناك جزء كبير من مدينة الحديدة مهجرين بسبب الألغام ونحن نعرف أن الحديدة ذات كثافة سكانية وأيضاً محافظة تعز هناك مناطق واسعة هجرها السكان بسبب الألغام وهناك مناطق في الريف أيضا ملوثة وحتى المزارع تم تفخيخها ونحن في البرنامج الوطني نقوم بمعية شركائنا في المشروع السعودي مسام وشركائنا من منظمات أخرى بعمل دؤوب من أجل تطهير تلك المناطق وإعادة المهجرين إليها.

 

ضحايا مدنيون

 

الإحصائية التي يتم الإعلان عنها بكل تأكيد ليست الرقم الحقيقي فهناك أعداد لم يتم الوصول إليها وهناك من أصيب بالألغام في مناطق نائية لم يتم الوصول إليها بحكم الحالة الأمنية التي تعيشها المناطق القريبة من المواجهات.

 

الإحصائية المسجلة لدى المركز الوطني للتعامل مع الألغام بلغت ثمانية آلاف وخمسمائة ضحية ما بين قتيل ومعاق والحقيقة أن أعداد الضحايا في تزايد ففي غضون أشهر تم رصد خمسمائة ضحية والرقم أعلى من ذلك بكثير.

 

أرقام وإحصائيات

 

تسببت الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في وقوع نحو تسعة آلاف ضحية في صفوف المدنيين منذ بداية النزاع و284 ضحية في 2020، من بينهم 55 طفلاً وفقا لمشروع رصد الأثر المدني الخاص بمنظمة هيومن رايتس ووتش.

 

اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا كشفت عن إصابة 1270 مدنياً نسبة الأطفال تقترب من 20% منهم حيث قتل 112 طفلاً وطفلة، بالإضافة لإعاقة وجرح 240 آخرين.

 

عدد من منظمات المجتمع المدني كشفت هي الأخرى في تقرير “الألغام كابوس يطارد اليمنيين” عن مقتل 534 طفلاً وإصابة 854 طفلاً خلال الفترة من إبريل 2014 وحتى مارس 2022م، وتشير تقديرات حقوقية بأن عدد الأطفال المتوفين والمصابين المحتملين جراء الألغام قد يزيد عن 2300 طفل وطفلة.

في تقريره المعنون بـ”القاتل الأعمى” ورصده للألغام بين يونيو 2014 إلى فبراير 2022، يقول المركز الأمريكي للعدالة: بأن الألغام “أدت إلى وفاة نحو 2526 من المدنيين منهم 429 طفلا، وإصابة 3286 منهم 723 طفلاً في 17 محافظة يمنية، وقد تعرض 75% للإعاقة الدائمة أو التشويه الملازم لهم طيلة حياتهم”.

 

زراعة عشوائية

 

من المعروف أن الحوثيين يزرعون الألغام بدون خرائط وتزرع المليشيا الحوثية الألغام بطريقتين الأولى نظامية عسكرية وتكون بإحداثيات وخرائط ومعلومات والثانية عشوائية وهو الغالب.

 

حملة الكترونية

 

مليشيا الحوثي استغلت الهدنة المعلنة مطلع أبريل الماضي في زراعة مزيد من الألغام، حيث تكشف وسائل إعلام محلية، عن قيام مليشيا الحوثي بتكثيف زراعة الألغام في الطرق شرق مدينة تعز، وتحديداً في الـ10 من أبريل الماضي.

 

وفي مايو الجاري نقل الحوثيون مئات الألغام على متن شاحنات مغلقة إلى منطقة “الحوبان” الخاضعة لسيطرتهم في وقتٍ أطلقت الشبكة اليمنية لمكافحة الألغام حملة إلكترونية واسعة أمس الأول “للتذكير والتنبيه بخطر الألغام الأرضية” تحت هاشتاغ #سلمواخرائط الألغام”.

 

الحملة دعت إلى عمل مشترك لمعالجة آثار الألغام الأرضية على المدنيين، وآثارها المتفاوتة على النساء والأطفال.

 

وأشارت إلى أن زراعة مليشيا الحوثي للألغام في جميع أنحاء البلاد أدت إلى قتل وجرح آلاف المدنيين، كما حالت دون العمل الإنساني وساهمت في زيادة انعدام الأمن الغذائي، وفقدان سبل العيش.

 

اللجنة الوطنية للتحقيق في تقاريرها خلصت إلى أن “المسؤول عن هذه الانتهاكات هي مليشيا الحوثي التي تنفرد بممارسة هذا النوع من الانتهاكات.. وتمارسه بمنهجية”، مشيرة إلى أن مليشيا الحوثي تقوم” بتصنيع الألغام الفردية بخبرات محلية، وفي مصانع أنشأتها مستخدمة معدات ومقرات الجيش في المناطق التي سيطرت عليها، وتقوم بتوزيع هذه الألغام وتخزينها في كافة المناطق”.

 

مطالبات حكومية

 

الحكومة من جهتها طالبت بضغط دولي على مليشيا إيران الحوثية لوقف صناعة الألغام وزراعتها وتسليم خرائطها.

 

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة: إن مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران قامت بزراعة مئات الآلاف من الألغام بشكل عشوائي في كافة المناطق التي وصلت إليها، أو اندحرت منها، وفي مناطق الاشتباكات، وتلك التي لا تزال تسيطر عليها في أكبر عملية زراعة للألغام منذ الحرب العالمية الثانية”.

وأضاف معمر الإرياني.. مليشيا الحوثي زرعت الألغام في المنشآت العامة والخاصة والمنازل والأسواق والشوارع الرئيسية والفرعية والمزارع، دون تفريق بين هدف مدني وعسكري، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ فارقوا الحياة، أو نجوا بعد أن بترت أطرافهم”.

 

وأشار الإرياني إلى استمرار تساقط الضحايا المدنيين بشكل شبه يومي نتيجة انفجار الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي عشوائيا في المناطق المأهولة بالسكان في مختلف المحافظات اليمنية، كما تمنع الألغام الملايين من العودة إلى منازلهم وقراهم ومزارعهم لممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

 

ونوه الإرياني إلى قيام الحكومة عبر البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام،‎ بجهود استثنائية لنزع الألغام في المناطق المحررة، وتقديم الدعم الطبي والنفسي للمصابين، وتوعية المجتمعات المحلية بمخاطرها وكيفية التعامل معها.

 

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي بالضغط على مليشيا الحوثي لوقف صناعة وزراعة الألغام بكافة أنواعها، وتقديم خرائط بحقول الألغام، والعمل على دعم برامج الحكومة لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، وتأهيل المصابين وإعادة دمجهم في المجتمع.

 

تحذير دولي

 

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن في أحد بياناته قال: إن الألغام الأرضية التي زرعتها مليشيا الحوثي لا تزال تشكل خطرا جسيما ومتواصلا على المدنيين وأن 1424 شخصا قتلتهم ألغام الحوثيين منذ 2018، وشدد البيان على ضرورة بذل الكثير من المساعدات والموارد الدولية لدعم جهود إزالة الألغام في بلادنا.

 

مناطق مأهولة

ومنذ ثماني سنوات من الحرب تعتمد مليشيا الحوثي بشكل كبير على الألغام بمختلف أنواعها مما يثير المخاوف والقلق وسط السكان، وحسب مشروع نزع الألغام التابع للأمم المتحدة الذي أكمل مسح وتطهير أكثر من 23 مليون متر مربع من الأراضي، بإزالة ما يقرب من 635,000 قطعة من الألغام، إلا أنه لايزال هناك الكثير من الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في مناطق واسعة من الأراضي في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق المأهولة بالسكان.

مواضيع متعلقة

اترك رداً