“زعم” السلاليين

img
مقالات 0

عابد المهدي

 

إن الأمة اليمنية في الأيام القلائل القادمة مع موعد ما يسمى بعيد الغدير وهو اليوم الذي يزعم فيه السلاليون “وزنابيلهم” أن الله اختار على بن ابي طالب لولاية أمر المسلمين السياسية والدينية، وبناء على هذا الاختيار الرباني -حد زعمهم- فقد انتقلت ولاية أمر المسلمين السياسية والدينية إلى أبناء علي وذريته من بعده.

 

ومن أجل إثبات ذلك اختلقوا الأكاذيب، ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولووا أعناق النصوص الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وحملوها من التأويلات والتفسيرات الباطلة ما لا تحتملـ مجافين بكل فجاجة قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وصرائح القران الكريم ومحكماته.. كل هذا الشطط والتعسف في سبيل اثبات أحقية سلالتهم الهاشمية، في السلطة والجاه والمال، وكل ذلك على حساب حقوق المسلمين وكرامتهم.

 

ولست هنا بصدد مناقشة حججهم وخزعبلاتهم التي يسوقونها لإثبات أحقيتهم الشرعية في استعباد الآخرين، باعتبارهم ممثلين للسماء كما يعتقدون، فكل ما يلوكون به ألسنتهم وتسكبه محابرهم من حجج وخزعبلات، هي أوهن من بيت العنكبوت، ولا تنطلي سوى على أولئك، الذين يفتقرون إلى أي مسحة من المنطق والعقل السوي، أو يعانون من عقدة نقص وتدني منسوب الكرامة، بل حديثي هنا هو إلى بعض معاشر المقاومين والرافضين للمشروع للسلالي، دون رؤية ومشروع ثقافي وفكري واضح، إلى متى سيظل المشروع السياسي العنصري للسلالة الهاشمية وزنابيلها يستمد بقاءه ويعزز مزاعمه من تراثكم وأديباتكم، لماذا هذه الليونة، في التعاطي مع تلك النصوص، التي يلوذ بها دعاة المشروع السلالي، كلما حزبهم نور الحقائق وداهمتهم سطوة الحجج والبراهين.

 

اعتقد أن ليس من المبالغة الجزم أنه لا يمكن القضاء على المشروع السلالي، الذي يعصف بالأمة اليمنية أرضاً وإنساناً، بشكل خاص وبالأمة الإسلامية من شرقها إلى غربها، بشكل عام إلى الأبد، قبل التخلص من ذلك المشروع السلاليـ الذي يعشعش في بطون كتاب التراث، ويسكن حنايا الضمير الإسلامي منذ أكثر من عشرة قرون.

 

إن الوقفة الجادة والحازمة مع كتاب التراث الإسلامي ومراجعتها على ضوء القيم الإسلامية العليا وفقه الواقع وضروراته  بات أولوية وضرورة وطنية وقبل ذلك، هي حتما ضرورة  إسلامية، في الوقت عينه  للتخلص من الأفكار والروايات المرهقة التي تجاوزها الزمن وأثقلت كاهل العقل الإسلامي، وكبلت أقدامه في الأسر، والغض عن تلك الروايات والموروثات التاريخية بحجة الحرص على بيضة الإسلام هي مخاوف وهمية نابعة عن فهم سطحي وساذج للدين، وصرف النظر عنها خشية جرح مكانة ومشاعر أصحاب تلك الروايات والأخبار، الذين ماتوا قبل مئات السنين هي خفة وضرب من الجنون وجريمة في حق الدين والوطن والإنسان، فالمبادئ والقيم الإسلامية مقدمة على مكانة الأشخاص، مهما علت منازلهم ومصالح الأحياء وحقن دمائهم وصون كرامتهم مقدمة على مشاعر الأموات.

 

إن المشروع السلالي العنصري الذي ينحر اليوم الأمة اليمنية وأخواتها من الوريد الى الوريد والذي سنشهد أهم أعياده بعيد أيام قليلة ليس مشروع وليد اللحظة الراهنة، ولا نتاج سبب واحد بل هو مشروع مركب له جذوره التاريخية والفقهية وللخروج من نفق هذا المشروع الكارثي، ينبغي علينا معرفة كيف ولجنا إليه وذاك لا يمكن إدراكه سوى بالتنقيب في الجذور التاريخية ومتون الروايات والموروثات لتقصي وتشخيص أسباب تشكل وديمومة هذا المشروع المدمر الذي تعمر طويلا مهلكا الحرث والنسل

 

أعتقد أنه قد آن الأوان لاستصال هذا المشروع من جذوره والتخلص منه دون رجعة ولنجاح ذلك لا مناص من إجراء عملية مراجعة شاملة إذ إن الحلول الترقيعية هي مجرد مهدئات مؤقته لا تنفع مع هذه الأمراض المركبة والمتجذرة وقد جربت تلك الترقيعات مسبقا واثبتت فشلها مرارا ًوتكراراً.

 

ولحسن حظ الأحرار وسوء طالع المشروع السلالي أن عملية المراجعة المباركة قد أخذت في السنوات الأخيرة، تشق طريقها على أيدي ثلة من أحرار الأمة اليمنية، ومفكريها الذين شبوا عن الطوق، وبدأت مباضعهم ترى جيدا أسباب المرض بعد أن كانت لا تشاهد سوى اعراضه وحري بكل عاقل أن يبارك سير هذه العملية ولا يضع العراقيل في طريقها وأن لا يقدم مخاوفه وأوهامه على الكوارث الماثلة أمام عينه.. والله الموفق.

مواضيع متعلقة

اترك رداً