الذيباني .. بطولات على درب سبتمبر المجيد

سبتمبر نت/ العميد علي محمود يامن
تقف الكلمات عاجزة والعبارات خجولة في تناول مآثر وقصة كفاح وصمود ونضالات البطل العملاق الفريق الركن ناصر علي الذيباني ، الذي سطر ملاحم من البطولات والفداء والتضحية وسفر خالد من النضال الوطني المشرق في سبيل الدفاع عن الجمهورية والسيادة الوطنية وحرية وكرامة شعب اليمن العظيم .
خاض في مقدمة الصفوف وقاد ركب الابطال في خوض غمار معركة متصلة لسنوات عدة عرفته صحاري اليمن ووديانه وجباله وشهدت على نضاله وبسالته كل ذرات الارض ونسمات الهواء وروانق الشمس فكان سيد الابطال وانبل المحاربين .
يدرك كل من عايش هذا البطل انه استثنائي في كل شيء الشجاعة المفرطة النزاهة العالية الاقدام المبهر القدوة الحسنة ..وفق البطل الذيباني ان يكون مقداما في التضحيات والفداء ومتفانيا في سبيل وطنه حد الجنون.
في هذه السطور نقف مع بعض من بطولات هذا العملاق في مواجهة دعاة الإمامة الكهنوتية:
الخلفية الفكرية والمعرفية
شكلت الارضية الفكرية والمعرفية والامتداد النضالي الاسري والخلفية الاجتماعية والثقافية ذات الجذور الاسلامية شخصية وتوجهات وحياة هذا البطل وانحيازه المطلق لصف الجمهورية ، تحققت في هذا البطل جناحا الانطلاق واهم عوامل النجاح فطرة سليمة وشجاعة بالسليقة واقدام متوارث مع ارضية واسعة من التجارب والنضال والخبرات والتأهيل العلمي والاكاديمي المتميز لتخلق منه محاربا صلبا وقائدًا متمكنا مليئا بروح الانسانية وابجديات الوطنية ومعاني النضال .
مواجهة التمرد في حروب صعدة
في منتصف 2004 اشعلت جماعة الحوثي الارهابية جولات حروب تمردها على الدولة من جبال مران في صعدة برز ليتصدى لها بطلنا الذيباني ويخوض مع المخلصين من ابناء اليمن أهم وأقدس المعارك التي انصهر فيها الشهيد بقوة كبيرة وقيمية عالية وشرف كبير اعتز به هي معارك الكرامة الوطنية ضد الامامة وفلولها في مواجهة المشروع الإمامي الحوثي الطائفي منذ بداية التمرد في محافظة صعدة وأطراف عمران وصولاً إلى بني حشيش على مشارف العاصمة صنعاء ضمن ألوية الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية في جولات الحروب الست التي خاضتها الدولة في عهد الرئيس السابق علي صالح رحمه الله. كان خلالها الملهم والفادي الذي تميز بكونه يخوض تلك المعارك بقناعة تامة وبحماس منقطع النظير وبفهم عميق لطبيعة ومآلات المشروع الامامي ونتائجه الكارثية على حاضر ومستقبل اليمن والمنطقة.
احتراف التكتيك
القادة المتميزون هم الذين يكونون على معرفة ودراية كاملة بطبيعة المعركة التي يخوضونها بدءا بالمبادئ والقيم التي يدافعون عنها ومعرفة المنظومة التي ينتمون اليها واين تكون عوامل قوتها واين تكمن نقاط ضعفها وبالمقابلة خبرة ومعرفة ودراية تامة بنقاط قوة وضعف العدو وامكانياته وتمركزات قواته ونقاط اتصاله ومراكز القيادة والسيطرة وهي معارف وعلوم لا يستغني عنها اي قائد يتصدر للقيادة في الظروف الاستثنائية التي تميزه عن الكثير من القيادات ذات المستوى الاقل في الاحتراف والكفاءة كان الشهيد على معرفة تامة بمسرح عمليات العاصمة صنعاء وتفاصيل تضاريسها وقدم المعلومات الكافية والاحترافية لخطة تامين العاصمة قبل سقوطها مستفيدا من قدراته الاحترافية وعمله المميز في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة وهي الخطة التي لو قدر لها ان تأخذ طريقها للتنفيذ في قيادة وزارة الدفاع ورئاسة الاركان العامة وتوجيهات مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية حينها لجنب اليمن المآسي والردة عن النظام الجمهوري ولحفظت الدولة من السقوط .
التصدي للانقلاب
خلال فترة ما بعد 2011م عمل الذيباني في دائرة الاستخبارات العسكرية، لينتقل بعد ذلك إلى عدن بعد صدور قرار تعيينه في منصب رئيس لأركان اللواء 31 مدرع ضمن جملة تعيينات أصدرها الرئيس هادي (17 مارس 2014م)، وعقب سقوط صنعاء بيد مليشيا الحوثي وتمددها في مناطق ومحافظات البلاد وصولا إلى عمق مدينة عدن، ظل الشهيد يقاوم مشروع الامامة من موقعه وفقا لظروف تلك المرحلة وقدم الدعم والعون والتسليح للمقاومة الشعبية في عدن بحسب شهادة قيادات المقاومة هناك.
وعقب مغادرة الرئيس هادي قصر معاشيق، غادر العقيد الذيباني المدينة متوجهاً إلى محافظة مأرب ليلتحق بالكوكبة الاولى من خيرة ابناء اليمن الذين تداعوا لمواجهة ومقاومة هذا المشروع التدميري لليمن والمنطقة العربية وشكل مع رفاقه الابطال النواة الاولى للمقاومة الشعبية البطلة على تخوم مدينة مأرب حاضرة الارث الحضاري التاريخي اليمني والتي انطلقت المقاومة الشعبية مع ان فلول الامامة وعصابات التمرد كانت تحاصرها من مختلف الجهات الا انها مثلت دعوة نضال وصيحة وطن على الارض وفق خطاب وطني جمهوري يمني الهوى الهوية ووفق رؤى واضحة ونبيلة في مواجهة التمرد متسقة مع المشروع الوطني الجامع لإحياء أسس الحركة الوطنية الجمهورية التي انهارت تحت وطأة خلافات اليمنين واطماع المشروع الفارسي في المنطقة العربية عبر اذرعه الشيعية ومنها الحركة الحوثية الطائفية الامامية.
وشكلت مطارح قبائل مأرب حاجز الصد المنيع أمام المليشيا وكابح جنونها على حدود المحافظة فكان البطل الذيباني أحد أعضاء غرفة العمليات المشتركة التي تم تشكيلها في مأرب لترتيب وضع المقاومة وإدارة المواجهة والتخطيط لها، هذه الغرفة تشكلت في ظروف الحرب لتنسيق وتوحيد المقاومة بين رجال القبائل الذين حملوا السلاح ووحدات الجيش والأمن التي انحازت إلى صف الشرعية، تحت إشراف السلطة المحلية في المحافظة والمحافظ سلطان العرادة وقوات الجيش الوطني والأمن، ومجموعة من ضباط الحرس ومنهم اللواء محسن الداعري قائد لواء الحرس المرابط في مأرب ـ حينها ـ والذي قدم الدعم والتسليح للمقاومة وحافظ على جاهزية ومعدات اللواء ومهامه في الحفاظ على المدينة وأمنها .
بدأت الخطط للدفاع عن مأرب ومنع سقوط صرواح و معسكر كوفل بيد مليشيا الحوثي، ثم انتقلت إلى استراتيجية المواجهة، وقد كانت شرارتها الأولى في منطقة حريب، ثم الجدعان.
وتولى الشهيد الذيباني نائب قائد جبهة الجدعان الذي كان يقودها احد انبل ضباط القوات المسلحة اليمنية اللواء الركن توفيق محمد عبدالله القيز، وقد اظهر بطلنا بسالة وصرامة منقطعة النظير في مواجهة المد الشيعي الذي ركز كل جهده في اتجاه محافظة مأرب.
دور ريادي في تشكيل الجيش الوطني
بدأت نواة الجيش الوطني بالتشكل لتضم الوحدات التي ظلت ثابتة، والرجال المقاتلين الذين توافدوا من كل أنحاء الوطن، وانخرطوا في صفوف الجيش والمقاومة.
تم وضع النواة الاولى لجيش الجمهورية الثانية بجهود ومشاركة كوكبة من القادة والضباط الجمهوريين الذين قاوموا فلول الامامة خلال تاريخهم العسكري وجسدوا ولاءهم وانتماءهم للوطن والعقيدة الجمهورية والمبادئ الاسلامية النقية التي حملوها بين جوانحهم وعلى المدى الزمني في خدمتهم للوطن.
واستطاع أولئك القادة الأبطال في وضع الاسس المتينة واللبنات الاولى لإعادة تنظيم وبناء المؤسسة الدفاعية والامنية في وقتٍ قياسي وظروف بالغة التعقيد وشديدة الخطورة وبدأوا على الفور في خوض معركة التصدي والهجوم في آن معا ؛ فخاض اول معركة عند اعادة تجميع وتشكيل الجيش الوطني ، مشاركاً بنفسه وبندقيته في خطوط التماس وعمق المعركة قائدا محترفا في اعداد الخطط ورسم الخرائط وتحديد اهداف واتجاه ومحاور محاربة العدو ويعتبر احد افضل الضباط في علم التكتيك العسكري وإدارة العمليات القتالية، ومنذ وطئت قدمه أرض مأرب لم يغادرها يوماً إلا جريحاً من إصابة بليغة أو مريضاً أو معتمراً بقي مرابطا في جبهات ومحاور القتال او قائما بدور محوري في غرف العمليات ومراكز القيادة والسيطرة.
القيادة من خط التماس
تقول بعض النظريات في تعريف القيادة انها فن التأثير في الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة، وهي مسؤولية عظيمة تتطلب مهارات استثنائية وذكاءً عاطفيًا. تُعرَّف القيادة أيضًا بأنها عملية تحفيز وتوجيه مجموعة من الأفراد نحو عمل جماعي لتحقيق غاية محددة.
وتعرف القيادة والسيطرة عسكريا بأنها ممارسة السلطة والتوجيه من قبل قائد عسكري مسؤول على القوات المكلفة والتابعة لإنجاز المهمة، ويتم تنفيذ وظائف القيادة والتحكم من خلال ترتيب الأفراد والمعدات والاتصالات والمرافق والإجراءات المستخدمة من قبل القائد في التخطيط والتوجيه والتنسيق والتحكم في القوات والعمليات عند إنجاز المهمة.
كانت تغلب على ابو منير في المعارك على كثرتها وتعدد مواطنها صفة المحارب الفادي فيقوم بإعداد الخطط وترتيب القوات وتنظيم الاعمال القتالية في الدفاع والهجوم لكنه يتقدم الصفوف في المعارك.
كان يتجول بين الجبهات يتفقد رفقاء النضال من الشباب في كل المواقع ، كان معهم وفي مقدمتهم وتقاسم معهم برد الجبال وحر الرمال، ما غادر الجبهة منذ التحق بها، آمن بالقضية ونذر نفسه لحماية الوطن والجمهورية فكان نعم الحارس الامين لقيم ونضالات الشعب اليمني العظيم.
الميدان أحب الذيباني
– من المواقف التي شهدتها شخصيا انه كان يمل من الجلوس في المكاتب او الجلسات الخاصة او المقيل ولا ترتاح نفسه الا في المواقع الامامية وكان شديدا في التعامل مع اي تقصير او اهمال من قبل أيا كان، تميز بقوة شخصيته وانه كان لا يرضخ ويصر على الحق بعيدا عن المجاملات او المداهنة او التهيب من اي كان ربما ستكشف المراحل التاريخية القادمة مواقف اسطورية في الثبات على الحق والاعتزاز بالذات.
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.