أحدث الاخبارالافتتاحية

الاستقرار بوصلة التحرير

افتتاحية 26 سبتمبر

مما لا شك فيه ولا مراء ​أن محافظتي حضرموت والمهرة تشكلان أهمية استراتيجية قصوى لليمن والمنطقة، ليس فقط لكونهما تمثلان عمقًا جغرافيا وموارد اقتصادية حيوية، بل لأنهما أيضًا تُعدان من أهم معاقل الاستقرار بعيدًا عن سيطرة مليشيا الحوثي الارهابية، وأن أي توترات أو أحداث فيهما تعيق هذا الاستقرار هي خرق في الجسد اليمني لا يخدم سوى أجندة إيران ممثلة بالمليشيا الحوثية الإرهابية.

​إن ما تشهده المحافظتان من تصعيد أو خلافات لا يصب في مصلحة القوى الوطنية المناهضة للحوثي بل هو عامل أساس في ​تشتيت الجهد الوطني وحائل دون تركيز القوى الأمنية والعسكرية والسياسية على المعركة الأساسية ضد مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وهو في الآن نفسه اضعاف للجبهة الاقتصادية وقدرة الحكومة الشرعية ​على تمويل جهود الحرب ودفع مرتبات الجيش والموظفين، وهو ما يتمناه الحوثي لزيادة الضغط على الحكومة الشرعية.

​إن التوترات الداخلية في معسكر الشرعية تمثل بيئة خصبة لخلايا وعملاء الحوثي للتحرك ونشر الفوضى وزعزعة الأمن في المناطق التي كانت تعتبر آمنة، تمهيدًا لمحاولات اختراق مستقبلية وهي في الآن مادة إعلامية مجانية لوسائل الاعلام الحوثية للترويج لروايتها بأن الأطراف الأخرى غير قادرة على إدارة المناطق المحررة، مما يخدم آلة دعايته، الأمر الذي يمكن ان يترتب عليه ضعف الدعم الإقليمي والدولي للقضية اليمنية.

​إن ما يأمله اليمنيون من كل الفاعلين السياسيين في الداخل ومن الأشقاء في المملكة العربية السعودية هو العمل الجاد على العودة الفورية للأمور في محافظتي حضرموت والمهرة إلى طبيعتها الأولى واستعادة التراتبية المؤسسية والأمنية كأمر حتمي لا يحتمل التأجيل، باعتباره تحولا ضروريا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة بحفظ أمن اليمن والمنطقة من خلال بسط ​الاستقرار في المحافظات الشرقية كصمام أمان للملاحة الدولية ومواجهة تهريب السلاح الإيراني عبر سواحل المهرة وحضرموت، إن اي فوضى هناك تفتح الباب على مصراعيه لتهديدات عابرة للحدود، وهو ما يضع عبئا إضافييا على دول الجوار والشركاء الإقليميين.

على الساسة اليمنيين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم ان يدركوا تمام الادراك أن ​تحرير اليمن من المليشيا الحوثية يتطلب جبهة داخلية موحدة وصلبة وأن الإصرار على تعميق الخلافات البينية بممارسات أحادية أمر لا يخدم القضية الوطنية المتمثلة بالقضاء على المشروع التوسعي الإيراني الذي ان تهيأت الظروف لنجاحه سيكون طامة كبرى على اليمن واليمنيين وعلى دول المنطقة برمتها.

إن ​المصير المشترك لليمنيين يتوقف على إدراك الجميع أن التهديد الأكبر هو الحوثي والذي يجب معه على كافة الأطراف والتشكيلات الوطنية أن تضع الخلافات جانبا وتتوحد تحت مظلة الدولة الشرعية ، كما أنه عليها الإدراك الحقيقي والواعي أن تثبيت الأمن والاستقرار في حضرموت والمهرة هو بمثابة إعادة ضبط البوصلة نحو الهدف الأسمى المتمثل باستعادة الدولة وإنهاء الوجود الحوثي الذي يهدد الهوية اليمنية وأمن المنطقة بأسرها.

زر الذهاب إلى الأعلى