مخالب الذئاب الحمر مزقت تحالف الشر البريطاني- الإسرائيلي- الإمامي!

img

 

سبتمبر نت/ تحليل – منصور الغدرة

– وزير خارجية الاحتلال البريطاني: عدن لن تكون آمنة من “نظام جمهوري راسخ في اليمن”

– المجلس الوزاري البريطاني: إجبارنا على الخروج من عدن “ضربة مدمرة لهيبتنا وسلطتنا” في المنطقة

– المخابرات البريطانية: بريطانيا حشدت إلى عدن ١٧ ألف جندي كانوا كالبطة العرجاء في مواجهة حرب رجال عصابات المدن

هكذا عزم تحالف حكم الإمامة والاحتلال البريطاني ومعهما الكيان الصهيوني على تمزيق وتشطير اليمن، وإبقائه ضعيفا تحت وطأة الحكم الاستبدادي الاستعماري، غير قادر على النهوض، والعمل بحزم في وأد كل المحاولات الثورية الهادفة لانتشال البلاد مما هي فيه من تخلف وفقر وجهل، وإخراجها من واقعها التعيس والمظلم إلى رحاب النور والعالم المتطور.. تحالف كهنة الإمامة والاحتلال البريطاني، مارس ضد الشعب اليمني مختلف سياسة القمع والتجويع والتجهيل خشية من أية ثورة، ولذلك اعتمد على الدسائس، وحاك الكثير من المؤامرات ضد الحركة الوطنية، وإخماد أية ثورات تحرر اليمنيين من ذلك الواقع المظلم، لكن أحرار اليمن اجتازوا كل ذلك، ليعلنوها: ثورة.. ثورة حتى النصر المبين، حينما قلبوا الطاولة على ذاك التحالف، فأطاحوا بكهنته بثورة ٢٦ سبتمبر 1962م في الشمال، وبعدها بعام بثورة 14 أكتوبر 1963م في الجنوب، والتي نحتفي اليوم بذكرها الـ٦١، بعد أسبوعين ونيف من احتفائنا بالذكرى الـ٦٢ لتوأمها ٢٦سبتمبر.

تحالف أم خصومة

وشعبنا يحتفي بالعيد الـ٦١ للثورة الأكتوبرية المجيدة، التي انطلقت شرارتها من قمم جبال ردفان الأبية في الـ١٤ من أكتوبر ١٩٦٣، بقيادة البطل الثائر غالب راجح لبوزة، قائد الذئاب الحمر، ضد الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن، يتبادر إلى الاذهان عن حقيقة العلاقة بين الاحتلال البريطاني والحكم الإمامي البغيض في شمال الوطن.. هل كان تحالفا أم خصومة وعداء، خاصة وأنه حتى عام ١٩٣٤حاولا اظهار عدواتهما عندما احتلت بريطانيا لميناء الحديدة، بينما الامام يحيى يطالبها بالانسحاب منها وتسليمها له، لكن الاحتلال البريطاني سلم للإمام يحيى فقط ميناء الحديدة، مقابل بناء  تحالف وتعاون بينهما يتوارثه الأبناء والأحفاد من حينها إلى يومنا، تترجمه اليوم الحكومة البريطانية في رعايتها ودعمها علنا وبجلاء لتنظيم الحوثي الإرهابي، ولا يحتاج ذلك إلى سرد الدلائل.

وبمناسبة الاحتفاء بثورة 14 أكتوبر، نتناول تحالف ثلاثي الشر- الإمامي البريطاني الإسرائيلي، وتآمره على قمع نضالات الشعب اليمني التحررية والقضاء على كل ما من شأنه يحقق غايات وأهداف الحركة الوطنية اليمنية في نيل التحرر من الكهنوت المستبد والمستعمر الغاصب، واللذين اتفقا على أن مصالحهما ووجودهما معقود بنواصي بقاء الشعب اليمني تحت قبضتهما، وأن أية ثورة تمنحه الانعتاق من حكمهما، يعني ذلك فناؤهما والقضاء عليهما، لذلك سعى تحالف أو ثالوث الشر (الإمامي- البريطاني- الإسرائيلي) إلى وأد أية ثورة تنتشل الشعب اليمني من واقعه التعيس، وتحرره من براثين هذا التحالف الشرير الذي سعى الى اجهاض احلام هذا الشعب التواق للحرية والاستقلال، وتآمر على ثورتي (سبتمبر واكتوبر)، اللتين كشفتا مدى تلك العلاقة الوطيدة بين أعضاء هذا التحالف الثلاثي وشركائهم..

أدلة وبراهين

ونستعرض هنا جزءا من أدلة التعاون الإمامي البريطاني الإسرائيلي، من خلال ما  كشفته مذكرات جنرالات المخابرات والمسؤولين العسكريين والسياسيين البريطانيين والاسرائيليين، واكدتها بتفاصيلها الدقيقة الملفات السرية التابعة للمخابرات في البلدين، وكذا ارشيف وزارة الخارجية البريطانية المفرج عنها بعد انتهاء سنوات سريته.

و من تلك الملفات التي اكدت أن كبير المسؤولين البريطانيين في شمال اليمن،   كريستوفر غاندي، تعرض لانتقادات حادة من قبل المسؤولين السياسيين في لندن، وفي المستعمرة عدن، على تقريره الذي رفعه للحكومة البريطانية في لندن عقب قيام ثورة ٢٦ سبتمبر، والذي أوصى فيه على أن تبادر المملكة المتحدة إلى الاعتراف بحكومة- الثورة- الجمهورية اليمنية، مؤكدا أن الإدارة البريطانية تحالفت ووقفت داعمة للجانب الخطأ- الإمامة- لأن حكمها لا يحظى بشعبية في أوساط اليمنيين- استبدادي وتعسفي- وأن احتكارها للسلطة لاقى امتعاضاً كبيراً على عكس حكومة الجمهورية الوليدة التي سرعان ما عينت أشخاصاً في مناصب من مختلف طبقات الشعب ومناطق اليمن، كانت مهملة في السابق في توزيع السلطة.

ضربة مدمرة

إلا أن وزير الخارجية البريطانية، أليك دوغلاس هوم، صرح بعد ثورة ٢٦سبتمبر ١٩٦٢، أن عدن لا يمكن أن تكون آمنة من “نظام جمهوري راسخ في اليمن”. بالتزامن مع اجتماع عقده مجلس الوزراء البريطاني- حينذاك- أقر فيه بالإجماع بأنه في حال تم إجبار بريطانيا على الخروج من عدن فسيكون ذلك بمثابة “ضربة مدمرة لهيبتنا وسلطتنا” في المنطقة. كما أن الاعتراف بالحكومة اليمنية الجديدة قد يؤدي إلى انهيار معنويات حكام المحمية الموالين لبريطانيا، مما يعرض الموقف البريطاني بأكمله في المنطقة للخطر.

ومنذ الوهلة الاولى، رأى جهاز المخابرات البريطانية، ان ثورة  ٢٦سبتمبر، تشكل خطرا حقيقيا على تواجد القواعد البريطانية في جنوب شبه الجزيرة العربية والشرق الاوسط برمته، ولذلك عزمت ادارة الاحتلال في اجهاض تلك الثورة حتى لا تقتلع تواجدها الاستعماري في عدن وجنوب الجزيرة العربية.

عدن في مهب الريح

واختزلت تقارير المخابرات البريطانية تقييم الوضع عقب ثورة ٢٦سبتمبر بالقول: «عدن في مهب الريح والمخابرات البريطانية آخر من يعلم»، لهذا فشلت الخطة البريطانية لجهاز المخابرات الخارجية البريطانية الـ (ام. آي. 6)، في نسف طائرات الميج المصرية في صنعاء.

ومضت تقارير المخابرات البريطانية الخارجية في تأكيدها بأن الثورة نفذتها مجموعة غامضة مؤلفة من 80 ضابطا من اجمالي الضباط البالغ عددهم 400 ضابط, إلا أنها حظت بشعبية كبيرة, ولم يحظ الامام محمد البدر بتعاطف الكثيرين وهو يهرب من أطلال القصر الذي قصفته الدبابات مرتديا زي امرأة ليشق طريقه إلى الجبال لتنظيم مقاومة مسلحة تستهدف استرداد عرشه الذي لن يسترده أبدا..  فقالت: هكذا أصبحت عدن في مهب الريح! حيث اندلعت ثورة تحظى بدعم مصر عبدالناصر في أرض الظهير القريبة منها. وسعت الخارجية البريطانية للحصول على معلومات دقيقة عن الموقف, لكن جهاز الـ (ام. آي. 6) لم يكن في جعبته شيء, حيث إن قسم بي 17 التابع له والمكلف بالتعامل مع عدن كان خالي الوفاض, ولم يكن ضابط خدمة المخابرات في عدن وهو تيرنس أوبريان تير على علم كبير بحقائق الموقف, حيث فوجئ بالثورة تماما, وبدا انه لا علم له بالأنشطة المصرية في المنطقة.

وكان رجل جهاز الـ (ام. آي. 6) ستيفن دوريل، في الفصل الحادي والثلاثين من كتابه بعنوان: (حملة البنادق في اليمن)، أكد أن كارثة السويس كان لابد لها من أن تدفع بريطانيا إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية والدفاعية.. الأمر الذي وجد التعبير الواضح عنه في (كتاب الدفاع الأبيض) الصادر سنة 1957، والذي أكد على أهمية القواعد الواقعة شرقي السويس.

وفي ذات العام حول رئيس الوزراء البريطاني، هارولد ماكميلان، قاعدة عدن ذات الأهمية المحدودة نسبيا، والتي تضم مصفاة كبيرة للنفط الآتي من الكويت إلى القاعدة العسكرية الأساسية للقوة العسكرية البريطانية في المنطقة, مع سيطرة البحرية الملكية وسلاح الجو الملكي على المدخل البحري المفضي إلى البحر الأحمر وقناة السويس. في الوقت نفسه أكد كتاب الدفاع الأبيض الصادر في عام 1962 أن عدن ستظل المقر الحصين لتنفيذ استراتيجية بريطانيا في المنطقة، وأنها مع المملكة المتحدة نفسها وسنغافورة ستشكل النقاط الثلاث الرئيسية في شبكة الانتشار العسكري العالمي البريطانية.

قنوات دعم

ومن اجل منع نجاح ثورة ٢٦سبتمبر وحتى لا تنتقل عدواها إلى جنوب الوطن المحتل، سارعت سلطات الاحتلال في عدن ولندن إلى البحث عن قنوات تدعم بها القوات الملكية، ففي اليوم الثامن من أكتوبر 1962، تحدثت التقارير عن تدفق الاسلحة الى القبائل اليمنية الموالية للإمام عن طريق الشريف صالح بن حسين البيجاني. وتلك ايضا هي المرحلة التي فوجئ فيها نائب رئيس الام.اي.6 المتقاعد جورج يونج, والذي اصبح الآن نجما في عالم المصارف باتصال من ضابط رفيع الرتبة في الموساد يطلب فيه ترشيح ضابط انجليزي لتنظيم حرب عصابات يشنها الملكيون ضد الجمهوريين والعناصر العسكرية المصرية التي تدعم الثورة، وهي الحرب التي ستظل المشكلة الكبرى للملكيين منها عمليات القصف التي ينفذها ضدهم سلاح الجو المصري انطلاقا من مطار صنعاء.

وعلى إثر مظاهرات التأييد لثورة ٢٦سبتمبر التي شهدتها عدن التي سببت لسلطات الاحتلال البريطاني ازعاجا، فاضطرت في أواخر شهر ديسمبر، إلى استقدام خبراء اختصاصيين للتعامل مع الاضطرابات التي ارتفعت فيها صيحات التأييد للجمهورية الشابة في صنعاء لتملأ آفاق عدن. وبالمقابل بدأ ضباط الام.اي.6 يلمحون الى انه لابد للجهاز من ان يتقدم ويقتحم الساحة للقيام بعمل شيء ما, دون ان يكون واضحا في ذهن احد بالضبط ما هذا الـ(شيء ما).

حشدت إدارة الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن، جبهة واسعة لتأييد الملكيين في اليمن، وفي مواجهة ثوار سبتمبر قبل أن يصلها نارها في ١٤ أكتوبر ١٩٦٣.. لكن كل تلك المساعي باءت بالفشل الذريع والهزيمة الساحقة، بانطلاق شرارة الثورة الاكتوبرية بقيادة البطل الشهيد غالب راجح لبوزة، وخمسين آخرين من فصيلة الذئاب الحمر، الذين لا يخشون  طائرات ولا قنابل ولا صواريخ عجوز شمطاء أنهكتها سنوات حروبها واحتلالها لقارات العالم الخمس، فهي الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، الا أن ثورة ذئاب ردفان وفدائي الشيخ عثمان وخور مكسر والشعب والتواهي، وبركان  كريتر وسواعد الدكة والمعلا، مزقت هذا التحالف شر ممزق، وهزمت  كل الحشود العسكرية وكتائب المرتزقة، وأفشلت  كل المؤامرات التي حيكت لإجهاض ثورة الاكتوبريين الابطال، وأجبر الاحتلال البريطاني الغاصب على الرحيل إلى غير رجعة.

عملية سرية

وسافر وفد من المخابرات البريطانية والملكيين برئاسة وزير خارجية الملكيين احمد الشامي، الذي كان كتب شيكا قيمته خمسة آلاف جنيه استرليني لحساب فندق هايد بارك في لندن، يديره برايان فرانكس، وتم الاحتفاظ بهذا المبلغ في خزينة ودائع بالفندق لتمويل عملية سرية (إرهابية) تستهدف تفجير طائرات الميج المصرية الرابضة في مطار صنعاء الى اسرائيل، وبعد هذه الزيارة بوقت قصير قامت طائرات اسرائيلية ازيلت عنها كل العلامات الدالة على هويتها بخمس عشرة طلعة من جيبوتي لإسقاط الاسلحة على المناطق التي يسيطر عليها الملكيون في شمال اليمن، اضافة إلى أن الأسلحة الخفيفة من بينها 50 الف بندقية من طراز آلي انفيلد نقلتها طائرات بريطانية من محطة ولتشاير التابعة لسلاح الجو الملكي إلى الملكيين الذين استعادوا في نهاية ابريل 1963 بعض الأراضي التي كانوا قد خسروها.

وكان الام. آي. 6 هو الذي أنقذ الموقف حيث ابلغ الجهاز الوزراء رسميا بأن الوضع في اليمن والموقف الامني في عدن قد انهار. وفي صيف 1964 اعطى الضوء الاخضر للتأييد البريطاني الكامل للملكيين في اليمن. وحشدت بريطانيا 48 عنصراً من المرتزقة بمن في ذلك 12 عنصراً من العاملين السابقين في جهاز الخدمة السرية التابع لسلاح الطيران تحت قيادة سمايلي الذي ارتبط باتصال مباشر بالدول العربية القائمة بالتمويل، بينما تولى مايك جولي القيادة الميدانية داخل اليمن.

وحسب المؤلف فإن تلك العملية كان من المستحيل ان تنفذ من دون دعم رسمي من السلطات البريطانية. الحرب القذرة يقول ستيفن دوريل في اطار ما تبين انها حرب قذرة قام جهاز الام. آي. 6 بالتلاعب بالقبائل اليمنية، وبالمساعدة في الزرع المباشر للقنابل في المواقع المصرية على امتداد حدود شطري اليمن، بينما تعرضت المدن الكبرى للقصف والشخصيات البارزة للاغتيال.

كارثة حقيقية

وحلت كارثة حقيقية بفرق المرتزقة عندما قامت دورية من عناصر (الـ اس. ايه. اس) بالعبور من عدن إلى أراضي اليمن في أواخر ابريل 1964م، حيث وقعوا في كمين أدى إلى مصرع كابتن روبن ادواردز والمهندس العسكري نك واربيرتون، وجاء في تقرير لاحق لدبلوماسي أمريكي من تعز ان رأس الرجلين قد رفعا على حربتين في الميدان الرئيسي بالمدينة.

وسرعان ما طرحت أسئلة حول هذا الموضوع في مجلس العموم، ولجأت الحكومة إلى الكذب، مشيرة إلى ان الرجلين قتلا خلال أداء الواجب في عدن. ويقول المؤلف: ان عملية اليمن أطيح بها بشكل أو بآخر عندما قامت (الأهرام) القاهرية في أول مايو 1964 بنشر خمس رسائل، بعضها مؤرخ في ديسمبر من عام 1963م من توني بويل إلى جوني كوبر, وتتحدث الرسائل التي لم تصل إلى كوبر قط عن خبرة بويل في (التفجير والأسلحة الصغيرة وإسقاط الأسلحة جوا بالباراشوت وغير ذلك من شؤون العمليات).

وقد وصلت بعض النسخ من هذه الرسائل إلى فريق الباب الذي أدخل حديثا في صحيفة (الصنداي تايمز) والمعروف باسم (إنسايت)، ولكنها أوشكت أن لا ترى النور تقريبا, عندما تم اكتشاف ان هذه العملية تجري من خلال شركة (تليفجن انترناشيونال انتربرايز) التي تربطها مصالح وثيقة بمالك الصحيفة، لورد تومسون.

وقام دنيس هاملتون، رئيس التحرير في الصحيفة، بكبح جماح محرريه في الخامس من يوليو نشرت (الصنداي تايمز) الرسائل الخمس كلها، وبادرت الحكومة البريطانية بنفي أي علاقة لها بالمهمة التي يقوم بها جوني كوبر، وسرعان ما أثير الأمر في مجلس العموم، ومن جديد كان ما قالته الحكومة بعيدا عن أن يلقى الحد الأدنى من التصديق.

وكان دور قاعدة عدن أساسيا في هذه الخطط، على الرغم من أنها هي نفسها كانت بعيدة عن الاستقرار في ضوء استمرار الحرب الأهلية في اليمن، وفي ضوء تصاعد العمليات الفدائية لأبطال الكفاح المسلح في عدن أعلنت الحكومة البريطانية في فبراير 1966 في كتاب للدفاع أنها ستتخلى عن عدن كقاعدة، وأن جنوب الجزيرة العربية سيصبح مستقلا في 1968، وقاد المعارضة لهذا الاتجاه السياسي المحافظ دنكان سانديز وكذلك ضباط الـ (ام. آي. 6) مثل داسيلفا الذين تخوفوا من نشوء (فراغ في المنطقة، غير أن رئيس الجهاز ديك وايت، شعر بالابتهاج إزاء الخروج من (قتال غير جدير بأن يخاض) على حد تعبيره.

تصاعد العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال ومعسكراتها، اضطرت بريطانيا إلى حشد 17 ألف جندي في عدن, كانوا كالبطة العرجاء في مواجهة حرب رجال عصابات في المدن، فأثار الذعر في صفوف ضباط وجنود الاحتلال البريطاني، بما في ذلك فعلت بيانات التحذيرات والتهديد بالاغتيال لكل مسؤول بريطاني أو عميل مع سلطات الاحتلال، وعلى إثر كل هذا لم يعد أمام الاحتلال إلا الرحيل.

واعترف ستيفن دوريل، بلجوء البريطانيين إلى التعذيب الوحشي لانتزاع المعلومات التي تتيح لهم الصمود في عدن, ويقول: ان هذا الاسلوب أدى إلى الافتقار إلى معلومات المخابرات حول المنظمات السياسية ورجال حرب العصابات على السواء.

وعلى الرغم من سيطرة الجمود على القتال في اليمن, إلا ان البريطانيين مضوا يواصلون عملية مرتزقة واسعة النطاق هناك يدفع في إطارها لكل من يتم تجنيده عشرة آلاف جنيه استرليني سنويا من قبل مركز غامض في لندن يعرف باسم (المنظمة)، ويديره سترلنج وميجور بروك بعد أن غادر كوبر في أوائل 1966 وانضم إلى سترلنج كولونيل جون وودهاوس، الذي تقاعد من خدمة طويلة في الخدمة السرية للطيران ليصبح مستشاراً لبعض الوقت للحكومة البريطانية في شئون اجراءات الانقلابات المضادة في مناطق من الكومنولث.

وفي يونيو 1966 قابل ولفرد ثيجر، المعروف لأبناء المنطقة باسم مبارك بن لندن, بيلي ماكلين، الذي عرفه في اثيوبيا منذ المراحل الأولى في الحرب العالمية الثانية, فدعاه للانضمام إلى القوات الملكية اليمنية وزيارة قائد هذه القوات في الشمال الأمير الحسن بن الحسن, وهو أحد أبناء عمومة محمد البدر, وذلك في قصر قيادته بمنطقة القرة، ولم يتردد ثيجر في القبول، وهكذا تم توظيفه حتى نوفمبر من العام نفسه في عملية تجميع معلومات للمخابرات وشن حملة دعاية.

 

مواضيع متعلقة

اترك رداً