عسكرت البحر الأحمر فحاصرت اليمنيين .. إيران ومليشياتها تهدد باستهداف كابلات الانترنت لقطع الاتصالات عن العالـم

img

 

سبتمبر نت/ تحليل – منصور الغدرة

بعد التوقف شبه التام للتجارة العالمية وحركة السفن التجارية على سطح البحار في خليج عدن والبحر الأحمر والبحر العربي، جراء إقدام مليشيا الحوثي الإيرانية الإرهابية على استهداف السفن التجارية وخطوط الملاحة الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن، والتي جلبت البوارج والأساطيل الحربية العالمية وعسكرت الممرات المائية اليمنية، الأمر الذي أدى بشركات النقل البحري إلى رفع تكاليف النقل والتأمين البحري، نتيجة تحويل خط سيرها من البحر الأحمر ومضيق باب المندب نحو طريق رأس الرجاء الصالح، والذي ترتب عليه تأخر الشحنات التجارية عن الوصول في موعدها المحدد حال مرورها في السابق عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، للمسافة الطويلة التي تقطعها هذه السفن مرورا بطريق الرجاء الصالح.

 

تلك الاستهدافات وهذا التحويل الاجباري لسفن النقل البحري، اقتصر آثاره فقط على ارتفاع تكلفة قيمة السلع وتأخر وصولها، وارتفاع رسوم التأمين البحري.. لكن الاخطر في ما هو قادم، فإن كانت شحنتك التجارية حتى اليوم قد تأخرت من الوصول إليك بسبب تحويل سفن النقل البحري طريقها نحو الرجاء الصالح هروبا من الاستهدافات العسكرية والاعمال الإرهابية والقرصنة والتصرفات الصبيانية لمليشيا الحوثي الإرهابية أثناء مرورها بخط الملاحة الدولي في البحر الاحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي، ففي الغد القريب قد لا تستطيع طلب تلك البضائع من الاساس، وهذا ايضا بسبب الهجمات الارهابية التي تعتزم مليشيا ايران في اليمن جماعة الحوثي استهدافها للكابلات البحرية الحيوية للإنترنت في البحر الاحمر!

عانى ولا يزال الشعب اليمني يعاني من ارهاب وبطش وقتل وحصار مليشيا ايران جماعة الحوثي منذ انقلابها على ارادة اليمنيين واستيلائها على مؤسسة الدولة في 21 سبتمبر/ ايلول 2014، ظلت الحكومة اليمنية وحكومات دول المنطقة العربية طوال هذه السنوات الماضية، تصرخ وتنادي مخاطبة ومحذرة هذا العالم المستصرخ اليوم من الهجمات الإرهابية في البحر الاحمر لمليشيا الحوثي.. كثيرا ما أطلق اليمنيون تحذيراتهم من سياسة التجريف الديمغرافي للهوية اليمنية لصالح الهوية الفارسية ومشروع الهيمنة والتوسع  الفارسي الايراني في المنطقة والسيطرة على الممرات والمواقع الاستراتيجية العربية الحيوية، فكان رد هذا العالم المنافق يأتي وفي كل مرة، بالقول: ما هي إلا شرذمة قليلة مستضعفة مضطهدة من قبل الاغلبية الحاكمة بقانون الصندوق الانتخابي.. ما هي إلا اقلية وجماعة تنشد الحرية وتدافع عن نفسها وتطالب بالحقوق السياسية، والأهم أنها متعاونة معنا في محاربة الإرهاب” المصطنع” من هذا وذاك العالم المتلون والمتقلب مع مصالحه ولو كانت على حساب ارواح ودماء الانسانية المسفوك على قارعة طريق الملاحة الدولية في البحر الاحمر..

اليوم حينما لامس إرهاب هذه المليشيا الحوثية الاستمرار في تنفيذ اجندات ربيبتها إيران وعسكرة الممرات المائية اليمنية والمنطقة لاستهدافها السفن التجارية في البحر الاحمر وخليج عدن، ما ادى ذلك إلى تضرر جزء من تجارة هذا العالم المنافق، جراء تعطل تجارته في المنطقة العربية، جراء تحويل سفن النقل البحري طريقها نحو طريق الرجاء الصالح- الطريق الاطول والمنهك والمكلف.

وتعد الكابلات البحرية للاتصالات والانترنت الممتدة في قاع مضيق باب المندب بالبحر الاحمر، واحدة من اهم البنى التحتية الرقمية في العالم، حيث تمر عبرها اكثر من 95% من البيانات والاتصالات الدولية و10تريلون دولار من المعاملات المالية يوميا تعتمد عليها، إلا أنها هي الاقرب من سطح البحر ، والتي تقع على مسافة 100متر فقط نتيجة وجود في قاع البحر الاحمر لكثافة ضحالة قاع البحر، بعكس الكابلات في بقية البحار والمحيطات يتم وضع الكابلات فيها على مسافة تصل الى الكيلو متر تقريبا. كما أن الكابلات البحرية في باب المندب تربط اتصالات وتبادل المعلومات والمعاملات التجارية والمالية بين ثلاث قارات (آسيا وافريقيا واوروبا)، وبينها والعالم.

وفي حين آثار خبراء الأمن السيبراني والمعلومات، قبل اسبوعين، الخطر الذي يهدد الكابلات البحرية للاتصالات والانترنت كونها الهدف القادم لمليشيا إيران في اليمن وحلفائها في العراق ولبنان، مشيرين إلى انهم رصدوا تعرض كابلات الاتصالات الممتدة تحت البحر الاحمر لتدقيق متزايد من قبل جماعة الحوثيين وحلفائهم، وقد اصدر كل من “حزب الله” اللبناني وغيره من المليشيا المدعومة من ايران في العراق في بياناتهم الخاصة التي تشير إلى تفكيرهم في قطع الكابلات.

أكدت الخبيرة الدولية في مجال الأمن والاستخبارات، إميلي ميليكين،  أن هناك توجها لدى جماعة الحوثيين في تنفيذ هجمات محتملة على الكابلات البحرية في البحر الاحمر، مما يمثل تهديدا مقلقا يهدد بإحداث خلل في الاتصالات الدولية والاقتصاد العالمي بشكل خطير.

وقالت” إن خطوط الانترنت تصل بين القارات وليس بين الدول فقط، والاضرار التي تلحق بهذه الكابلات حتى لو كانت جزئية يمكنها ان تمنع وصول الانترنت في مناطق واسعة من العالم مما سيؤدي إلى اضطرابات اقتصادية وعسكرية كبيرة”.

واستندت “ميليكين” في مقالة لها نشره موقع “منتدى الخليج الدولي”، إلى تقرير نشرته مجموعات محسوبة على جماعة الحوثيين، يرافقه خريطة على قناة في تطبيق المراسلة “تيليغرام”، تظهر فيها شبكة كابلات الإنترنت الدولية التي تمر في البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، وبحر العرب، ومنطقة الخليج، والتقرير الذي نشرته القناة في الـ24 من ديسمبر الماضي، ارفقت به الخريطة بتهديد ضمني: “توجد خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر، ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منها خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها – وليس الدول فقط”.

وفي اليوم نفسه، نشرت قناة تيليغرام تابعة لحزب الله اللبناني صورة بالأقمار الاصطناعية للبحر الأحمر وكتبت: “هل تعلم أن خطوط الإنترنت التي تربط الشرق بالغرب تمر عبر مضيق باب المندب؟” كما نشرت قناة أخرى تدعم مليشيات الحشد الشعبي المدعوم من إيران في العراق قائلة: “كابلات الإنترنت العالمية التي تمر عبر مضيق باب المندب أصبحت في قبضتنا”.

وقال التقرير: “هناك خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر. ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها – وليس الدول فقط”.

واشارت إميلي ميليكين، وهي نائبة الرئيس وكبيرة المحللين في شركة Askari Defense & Intelligence, LLC ومقرها أرلينغتون بولاية فرجينيا الأمريكية- إلى أنه” حتى الآن بقت الكابلات البحرية هناك آمنة بسبب التأخر التكنولوجي لدى الحوثيين وليس لعدم وجود الدافع التخريبي لديهم، فعلى الرغم من قدرتهم على مضايقة الشحن السطحي بالصواريخ والزوارق الحربية، إلا انهم يفتقدون إلى الغواصات للوصول إلى الكابلات البحرية في قاع البحر الاحمر.

لكنها اضافت” مع الوقت والفرصة المتاحة للحوثيين قد يطورون تكتيكات بحرية لاستهداف البنية التحتية الحيوية للاتصالات، خاصة مع وجود العمق الضحل للبحر الاحمر، والذي لا يتجاوز100 متر، وهذا يقلل من الحاجة إلى غواصات متطورة لتنفيذ مثل هذه المهام الارهابية في البحر الاحمر”.

غير أن خبراء يمنيين في تقنيات المعلومات، أكدوا صعوبة استهداف تلك الكابلات البحرية بعمل تخريبي خاصة وأنها تقع على عمق مئات وآلاف الأمتار تحت مستوى سطح البحر، وأكد بعضهم أن مليشيا الحوثي حتى وإن كانت مدعومة بالمعرفة والتكنولوجيا والأسلحة والتدريب العسكري من جانب إيران، إلا إنها تفتقد التقنيات الخاصة لتنفيذ عمليات كهذه، لكنهم عادوا وابدوا مخاوفهم من لجوء المليشيا الحوثية الى الالغام البحرية في تنفيذ هجمات ارهابية ضد كابلات الانترنت في البحر الاحمر.

وتشير التقديرات الدولية إلى أن حوالي مائتي كابل اتصالات بحري يتضرر كل عام في جميع أنحاء المحيطات، أغلبها أضرار عن غير قصد ناجمة عن معدات الصيد ومراسي السفن. ومع ذلك، يبدو أن حوالي ثلث الضرر ناتج عن نشاط متعمد.

وكانت شركة التكنولوجيا العملاقة غوغل قد أعلنت قبل عدة سنوات أنها بدأت التخطيط لمد شبكة ألياف ضوئية تمر عبر كابل بحري وأرضي بين الهند وأوروبا. ولتجاوز القسم البحري من هذه الكابلات والتي يفترض أن تمر من أمام اليمن، تخطط غوغل لمد الكابل في السعودية وإسرائيل، مع تجنب نقل الاتصالات عبر قناة السويس، أو عبر مناطق تتميز بعدم الاستقرار السياسي مثل اليمن وسوريا وإيران والعراق.

نتائج التعامل مع مليشيا انقلابية

من جهتها، حملت الحكومة اليمنية، ممثلة بالمؤسسة العامة للاتصالات وشركة الاتصالات الدولية (تليمن) الحكوميتين، مسؤولية تهديد مليشيا الحوثي الارهابية، باستهداف كابلات اتصالات الانترنت في البحر الاحمر، التحالفات الدولية التي تدير الكابلات البحرية تعاملت مع مليشيا الحوثي  ومنحتها المعرفة الكاملة بعملياتها في البحر الاحمر.

وفيما أدانت بشدة تهديدات مليشيات الحوثي الإرهابية التهديد باستهداف الكابلات البحرية الدولية، عقب التطورات المقلقة والخطيرة في البحر الأحمر، قالت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية والشركة اليمنية للاتصالات الدولية (تليمن): إن التحالفات الدولية للاتصالات، التي تدير الكابلات البحرية، تجاهلت الجهود الدبلوماسية والقانونية، وتعاملت مع جماعة الحوثي؛ مما منح المليشيا معرفة بعمليات الكابلات البحرية الدولية.. معبرة عن ادانتهما لهذا التهديد الارهابي.

وأضافتا في بيان مشترك، نشرته وكالة سبأ،  الأحد الماضي، أن “المليشيا استهدفت بشكل ممنهج البنية التحتية للاتصالات في اليمن باستخدام الطائرات بدون طيار، واستغلت مؤسسات الدولة التي سيطرت عليها بشكل غير قانوني في عام 2015 لتمويل أنشطتها الإرهابية وجمع المعلومات لقمع معارضيها والصحفيين”.

وأوضحتا أن المليشيات “حصلت على مليارات الدولارات نتيجة سيطرتها على الكابلات البحرية مثل كابل آسيا – أفريقيا – أوروبا 1 (AAE-1) وكابل جنوب شرق آسيا – الشرق الأوسط – غرب أوروبا وغيرها، وأن هذه الأموال التي تتدفق عبر النظام المصرفي العالمي، تشكل تهديدًا كبيرًا لنزاهة الاتصالات الدولية”.

وطالبت مؤسسة الاتصالات وشركة تليمن، “شركات ومؤسسات الاتصالات الدولية وقف جميع تعاملاتها مع مليشيات الحوثي والكيانات غير الشرعية الخاضعة لسيطرتها في صنعاء”، متعهدتين “بالتعاون الكامل لضمان انتقال منتظم لهذه الشركات، وذلك لحماية خدمات الاتصالات الدولية في اليمن والعالم من التخريب”.

وتمر شرايين الاتصالات الرئيسية عبر قاع المحيط الهندي ومياه بحر العرب من الهند على طول سواحل شبه الجزيرة العربية إلى البحر الاحمر وقناة السويس في طريقها إلى البحر الابيض المتوسط وشواطئ اوروبا. ويمر ما يقرب من 20 كابلا بحريا مختلفا في مضيق باب المندب التي تعد نقطة استراتيجية في مرمى مليشيا الحوثي.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 30% من حركة الإنترنت في العالم، أو ما يعادل بيانات 2.6 إلى 4.6 مليار شخص، تنتقل عبر كابلات الاتصالات في البحر الاحمر، وأن كل حركة الاتصالات الإلكترونية العابرة للقارات في العالم تجرى عبر الكابلات البحرية، وأنه من دون هذه الكابلات فلن يكون هناك إنترنت ولا اتصال بين قارات العالم، وان كابلات البحر الأحمر وعبر مصر إلى أوروبا يعد أقصر طريق يصل بين آسيا وأوروبا.

تحالف دولي لكابل 2 افريقيا

ويبدو أن دول بعض الدول أوربية والصين وقارة افريقيا قد استشعرت خطر استمرار هيمنة وسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على الكابلات البحرية في البحر الاحمر وباب المندب،  خاصة بعد منع المجتمع الدولي ممثلا بالدول الكبرى، الحكومة الشرعية من تحرير محافظة الحديدة الحاكمة للبحر الاحمر ومضيق باب المندب في عام2018، وفشل تنفيذ مسرحية اتفاق إستكهولم، فسارعت عدة دول بتشكيل تحالف دولي إفريقي لإنشاء نظام كابل بحري قاري ببوابات عديدة- قال اعضائه حينها- أنه من أجل تعزيز مستقبل خدمات الإنترنت بأفريقيا ، وسمي بـ(٢ افريقيا)، بحيث إلى جانب (افريقيا1) واحتياط لخطر أمني يهدده في باب المندب.

وفي منتصف مايو2020، أعلنت كل من شركة الصين الدولية لخدمات المحمول (China Mobile International) وفيسبوك وشركة إم. تي. إن جلوبال كونكت (MTN GlobalConnect) وشركة أورنج الفرنسية وشركة الاتصالات السعودية (stc) والشركة المصرية للاتصالات وشركة فودافون العالمية وشركة وايوك (WIOCC) عن إنشاء الكابل البحري “٢ افريقيا”  لخدمة القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط. وقد تم اختيار شركة الكاتيل للشبكات البحرية (Alcatel Submarine Networks) لتنفيذ وإنشاء النظام البحري والذي يتم تمويله بالكامل من خلال أعضاء التحالف كما يساعد بشكل كبير على تعزيز الربط الدولي عبر أفريقيا والشرق الأوسط.

وبحسب اعلان التحالف في مؤتمر صحفي عقد في القاهرة، ونشرته وكالات الانباء الدولية، أن الكابل البحري “٢ افريقيا” يمتد بطول ٣٧ ألف كيلومتر حول القارة الأفريقية ليصبح أحد أطول أنظمة الكوابل البحرية في العالم حيث يربط قارة أوروبا (شرقا عبر جمهورية مصر العربية) ومنطقة الشرق الأوسط (عبر المملكة العربية السعودية) بأفريقيا من خلال ٢١ نقطة إنزال في ١٦ دولة أفريقية.

والمتوقع ان يكون الكابل دخل الخدمة قبل شهر، توقع الاعلان انجاز المشروع نهاية عام ٢٠٢٣، وأنه يوفر سعات دولية كبيرة تصل إلى ١٨٠ تيرابيت/ ثانية في بعض اجزاء الكابل والتي تعد أعلى من إجمالي السعات المتوفرة من خلال الكوابل البحرية الاخرى والتي تخدم القارة الأفريقية حاليا.

إلا انه اعلن في اغسطس 2021، عن اضافة أربعة مواقع إنزال جديدة للكابل، بعد توسيع نطاق الربط الخاص بالكابل ليضم دول (سيشيل وجزر القمر وأنجولا) وموقع إنزال اضافي في جنوب نيجيريا، وستنضم تلك المواقع إلى موقع الإنزال الجديد بجزر الكناري والذي تم الإعلان عنه مؤخراً.

مواضيع متعلقة

اترك رداً