واقع التعليم بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة..

سبتمبر نت/ استطلاع – لطفي الكثيري ـ مياد خان
يعتبر التعليم العامل المحرك والمنشط لحركة التغيير المطلوبة في أي مجتمع من المجتمعات، فالتعليم ضرورة لازمة بل ملحة بالنسبة للمجتمعات النامية إذا ما أرادت اللحاق بركب الحضارات الإنسانية، وشهدت بلادنا منذ عقود اهتماما كبيراً بالتربية والتعليم، كما شهدت العملية التعليمية والتربوية في بلادنا تطورات كبيرة من بناء مدارس ونشر التعليم وتوفير الكتاب المدرسي وظهور المدارس الأهلية والخاصة في عموم المحافظات اليمنية، إلا أن هذا الاهتمام شهد تراجعًا كبيرًا في المستوى التعليمي والتربوي في الآونة الأخيرة بسبب اوضاع الحرب التي اشعلتها المليشيا الحوثية الارهابية منذ انقلابها على الدولة ومؤسساتها والتي كانت وماتزال نتائجها كارثية على اليمنيين في كل المجالات ومن ذلك التعليم .
في هذا الاستطلاع نسلط الضوء عن بروز ظاهرة التعليم الخاص بدلا عن التعليم الحكومي والذي شهد تراجعا كبيرا نتيجة لغياب اهتمام الدولة بالكادر التعليمي وتحسين مستواه المعيشي، الاسباب تلك دفعت أولياء أمور الطلاب بالدفع بأبنائهم إلى المدراس الأهلية بدلاً من تعليمهم في المدارس الحكومية .
البداية من المستشار التربوي في مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز محمد سيف العديني والذي أرجع الأسباب التي دفعت الآباء بالدفع بأبنائهم إلى المدارس الخاصة هي الفوضى وعدم وجود الضبط والربط، وغياب المدرسين، وعدم انتظام جدول الدراسة، وغياب المتابعة، وبسبب عدم انتظام الاداريين والمدرسين، فيشعر الاباء والطلاب بفشل تحقيق التعليم في المدارس الحكومية، وإذا اضفنا ان هناك غيابا للأنشطة المتنوعة التي تلبي احتياجات الطلبة وعدم ملامسة المنهج لقضايا حياتية واقعية، والفشل في إشباع غرائز حب التطلع المعرفي والثقافي والعلمي، وهذا يسبب توجه المقتدرين الى المدارس الخاصة.
وأضاف العديني: وبسبب تلك الظروف ، فإن المقتدرين من الآباء يتجهون بأبنائهم الى المدارس الخاصة، لاعتقادهم انها ستكون أكثر تعليما وانضباطا بسبب ان المدرس يجتهد لأنه يستلم مرتبه من المدرسة الخاصة التي بدورها تستلمها من اولياء أمور الطلاب، وهذا غير موجود في مدارس الحكومة .
منوها الى أن المدارس الخاصة يتفاوت التزامها واخذها بقوانين ولوائح التربية والتعليم، والرقابة عليها من قبل مكتب التربية، والاشراف على الآلية التي تختار المدارس الخاصة فيها كادر التدريس ” وعلى كل فالمسؤولية التعليمية للأبناء مسؤولية مشتركة يتحمل مسؤوليتها مكتب التربية والمدارس والأسرة والأصل ان الكل يجب ان يعملوا سويا فالأسرة واجبها تحويل البيئة المنزلية إلى بيئة تحفز على التعليم بدون ضغوط مبالغ فيها، التي تؤدي إلى نتائج عكسية، وعلى ادارة المدرسة تحويل البيئة المدرسية إلى بيئة جذابة وممتعة وغنية بالبدائل الكثيرة من الأنشطة التي تستجيب لاحتياجات جميع الطلبة مع مراعاة الفروق الفردية، وعلى مكتب التربية ان يتابع بتحريك الموجهين والمشرفين الإداريين لمتابعة المدارس الحكومية والخاصة، وجميعهم مسؤولون أمام الله ثم أمام الوطن.
واقع تربوي سيئ
ومن جانبه قال الإعلامي والصحفي فتحي بن لزرق: إن المشكلة والمحزن بالموضوع هنا أن المدارس الخاصة تبتلع المدارس الحكومية يوما بعد يوم، وتحديدًا في المحافظات المحررة وبشكل أخص في محافظة عدن والمحافظات المجاورة أو الملتصقة بها، الناس لا تفضل المدارس الخاصة ولكن بسبب تعطيل المدارس الحكومية خلال السنوات الماضية نتيجة الحرب وانعكاساتها على معيشة الموظف الحكومي ومن ذلك المدرسين، مما اضطر الناس إلى اللجوء للمدارس الخاصة التي لا تتوقف فيها العملية التعليمية.
وأكد بن لزرق أن وقائع الإضراب، وتعدد نقابات المعلمين، وحالة الفوضى التي شلت وتشل القطاع التعليمي خلال السنوات الماضية، كان سببًا رئيسيًا في أن الناس نزحت وعزفت عن المدارس الحكومية.
وأضاف : هذا الواقع وهذه الآلية وهذا التحصيل العلمي السيئ سينتهي بنا في نهاية المطاف الى واقع تربوي وتعليمي مأساوي وشديد القتامة، اما في الجهة المقابلة نجد المدارس الخاصة لا تخضع لأي رقابة حكومية فاعلة، والتعليم فيها وللأسف الشديد متدن، والكثير من هذه المؤسسات هي مؤسسات تجارية، تحرص على الربح في المقام الأول.
وشدد بن لزرق على ضرورة وجود موقف حكومي واجتماعي وتعليمي وتربوي ينقذ ما يمكن إنقاذه من هذه المدارس والعملية التعليمية بشكل كامل.
غياب المعايير
أما التربوي محمود بدية أرجع الأسباب التي جعلت الآباء يدفعون بأبنائهم إلى المدارس الأهلية والخاصة هي: ازدحام المدارس الحكومية بالطلاب، وإضرابات المعلمين وتوقف الدراسة بشكل مستمر، بالإضافة إلى نقص المعلمين في المدارس الحكومية، والبحث عن فرص تعليمية أفضل في المدارس الخاصة المتميزة منها.
وأضاف بدية في حديثه تختلف المدارس الخاصة في التزامها بقوانين ولوائح التربية والتعليم.. فمنها ملتزم ومنها لا يلتزم بهذه القوانين واللوائح، والأمر عائد عادة في مدى جدية ورقابة مكاتب التربية في متابعة هذه المدارس وإلزامها بهذه القوانين واللوائح، ولعل أبرز هذه المخالفات ما يتعلق بإعطاء تراخيص لمدارس لا تحقق أدنى معايير وشروط المبنى المدرسي من حيث مساحة الفصول وتصميمها المناسب لاستخدامه كفصل دراسي، حيث ان اغلب المدارس الخاصة هي عبارة عن مبان سكنية، وغيرها من المعايير التي نجد بعض المدارس الخاصة مخالفة لهذه المعايير واللوائح..
أما عن الآلية التي يتم فيها اختيار الكوادر التعليمية والتربوية في المدارس الحكومية والأهلية فقال بدية: هناك مدارس خاصة لديها آليات جيدة في اختيار الكفاءات من المعلمين حيث تشترط وجود المؤهل والخبرة والكفاءة ويتم انتقاؤهم من خلال مقابلات لها معايير محددة، والبعض يلجأ إلى آلية الاستقطاب، حيث يبحث عن معلمين لهم خبرتهم في الميدان التربوي ويستقطبهم من المدارس الحكومية بالذات، لكن الكثير من هذه المدارس الخاصة ليس لها آلية محددة والتزام بمعايير خاصة لانتقاء المعلمين غير رضا المعلم براتب المدرسة الزهيد!
وأضاف بدية :أن الرسوم في المدارس الأهلية والخاصة فيه تفاوت كبير، وكله يعود لمدى جودة الخدمات المقدمة، وسمعنا بخطوة جيدة من مكتب التربية عدن بهذا الخصوص حيث شكلوا لجانا لتقييم المدارس الخاصة من حيث التزامها بالمعايير وجودة الخدمات المقدمة وربط ذلك بتحديد سقف معين من الرسوم الدراسية، أما من حيث الفوارق التعليمية بين المدارس الأهلية والحكومية فنستطيع القول إن الموضوع لا يعتمد على الجانب المالي فحسب، حيث يعتقد البعض أن المدارس الخاصة ستعطي لابنه خدمات متميزة مقابل المبالغ التي يدفعها ولي الامر للمدرسة.. لكن هناك أمرين إذا توفرت يمكن من خلالها نعرف هذه الفوارق التعليمية، وهي الإدارة المتميزة وكفاءات المعلمين، فمتى توفرت توفر معها الخدمات التعليمية المتميزة، فهناك بعض المدارس الحكومية برغم شحة الإمكانيات الا انها لا زالت تقدم تعليما جيدًا.
تدمير ممنهج
ومن جانبه قال التربوي فيصل بدر النهدي مدير ثانوية البيحاني النموذجية في محافظة عدن: إن المدارس الخاصة لا يمكن أن تستقيم أو تصبح قبلة أولياء الأمور لأبنائهم، اذا لم يتم اهمال أو تدمير متعمد للمدارس الحكومية، فإذا تم الاهتمام بالمدارس الحكومية، وجعلها بيئة جاذبة للطلاب فلا حاجة لنا بالمدارس الخاصة، ولن تجد اقبالا من قبل أولياء الأمور، فالأمر أصبح واضحًا جليا، نظرية المؤامرة على المدارس الحكومية لإنعاش المدارس الخاصة.
وأضاف النهدي إذا بحثنا جودة التعليم، فالمدارس الخاصة تفتقد تقديم تعليم متميز، فهي تهتم بالشكليات والمظاهر، لكن المحتوى مفقود، قلة قليلة من المدارس الخاصة والأهلية قدمت تعليمًا متميزًا، أما معظمها فهمها الأول هي المال فقط، ولا يوجد فشل للطالب فيها، فجميع الطلاب ينجحون بدرجات عالية، أما بالنسبة للكادر التدريسي معظمهم من حديثي التخرج أو عديمي الخبرة، ويتم تكليفهم فوق طاقتهم مستغلين ضعف الحالة المعيشية لهؤلاء المعلمين.
وأكد النهدي بأن المدارس الحكومية ما تحتاجه فقط هو الاهتمام بالكادر التدريسي من قبل قيادة التربية والسلطة المحلية من حيث توفير حقوقه الأساسية فقط ولا يطلب حقوق رفاهية، أيضا يجب الاهتمام بالمبنى المدرسي لتوفير بيئة صحية جاذبة للطالب.
سوء اختيار
أما فارس صالح أحمد ثابت وهو مدير مدرسة خاصة قال: إن عزوف الآباء والابناء عن المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة يعود إلى أسباب عديدة ربما لا يسع المجال هنا إلى ذكرها بشكل مفصل ولكن سنحاول ان نوجزها بالآتي..
الوضع السياسي والاقتصادي في البلد والحرب التي اشعلها الحوثيون على اليمنيين عملت على زعزعة العملية التعليمية بشكل عام وبشكل خاص في المدارس الحكومية حيث غاب اهتمام الدولة بتطوير التعليم والارتقاء بالمدارس الحكومية، كما أن تدهور الوضع الاقتصادي دفع بكثير من المعلمين في المدارس الحكومية إلى البحث عن أعمال أخرى لتحسين وضعهم المعيشي في ظل الغلاء الفاحش الذي أصاب جميع موظفي الدولة وخاصة المعلمين، بالإضافة إلى عدم رفع الرواتب بما يتواكب مع هذا الارتفاع في الأسعار مما نتج عن ذلك عزوف المعلمين عن التدريس أو التقصير فيه من أجل البحث عن عمل آخر لتحسين وضعهم المعيشي.
واشار فارس الى أن ضعف الاختيار للإدارات المدرسية أدى إلى ضعف المتابعة والرقابة للعملية التعليمية والتربوية فكثرت المشاكل السلبية بين الطلاب دون أن يكون هناك إجراءات رادعة وحازمة لمنع مثل هذه السلوكيات وكذلك كثر تسيب المعلمين وتهربهم من أداء واجبهم التعليمي والتربوي بالإضافة الى عدم التوعية والتوجيه والإرشاد للمعلمين حول دورهم في أن يكونوا قدوة حسنة للطلاب واستشعارهم بالأمانة الملقاة على عاتقهم وكذلك التوعية للطلاب من أجل الابتعاد عن مثل هذه السلوكيات غير الأخلاقية.
وأكد فارس أن الإضرابات التي يتم تنفيذها من قبل المعلمين في المدارس الحكومية ولعدة أشهر من أجل تحسين وضعهم المعيشي وهذا حق لهم وواجب على الدولة أن تستجيب لهم من أجل تطوير العملية التعليمية والتربوية، فإن هذه الإضرابات وتكرارها في أكثر من عام دراسي نظرا لعدم الاستجابة لحقوق المعلم التي تعتبر أساسا جزءا من الحلول لتصحيح وتطوير العملية التعليمية بل تعتبر الخطوة الأولى ، من أجل ذلك تؤدي هذه الإضرابات إلى التعطيل والارباك للعملية التعليمية والتربوية بشكل كبير، ولذلك وبناء على ما ذكرنا فإن مجمل هذه الأمور تدفع أولياء أمور الطلاب إلى العزوف والابتعاد عن المدارس الحكومية والانتقال إلى المدارس الخاصة حرصا منهم على تعليم ابنائهم وتربيتهم بشكل أفضل وأحسن حيث أن البعض منهم يتحمل أعباء الحياة اليومية من أجل تدريس وتربية أبنائه.
عدم الالتزام باللوائح
ومن جانبه تحدث الأستاذ خالد سعيد محمد وهو مدير إدارة اقتصاديات التعليم بوزارة التربية والتعليم عن الأسباب التي أدت بأولياء الأمور بتحويل أبنائهم من المدراس الحكومية إلى المدراس الخاصة قائلاً: ليست لأن اوضاعهم المادية ممتازة أو لجودة الدراسة في المدارس الخاصة، ولكن حرصهم على الحاق اولادهم بمقاعد الدراسة، لذلك نجد كثيرا من الآباء ربطوا على بطونهم وتقشفوا في مصاريف حياتهم وذلك للدفع بأولادهم للالتحاق بالمدارس الخاصة وذلك حتى لا يبقى أولادهم في البيت أو في الشارع وهذه مشكلة كبيرة جدا.
وأكد الأستاذ خالد سعيد في حديثه أن الوضع التعليمي الموجود حاليًا متدهور ومزر نتيجة لأوضاع البلد التي تمر بها سواء من حروب أو لأسباب أخرى ومنها عدم توفر المدرسين، وعدم توفر المنهج والكتاب الدراسي، وعدم توفر البيئة المدرسية، أشياء كثيرة جدا جعلت من البيئة المدرسية الحكومية بيئة طاردة لأفئدة الطلاب، ولذلك نجد كثيرا من الطلاب عزفوا عن الدراسة في المدارس الحكومية ، والتحقوا بالمدارس الخاصة والبعض الآخر اجتذبتهم سوق العمل، وبالتالي التعليم بحاجة إلى جهود كبيرة جدا وجبارة لتصحيح الأوضاع وإعادة ملامح التعليم.
وأضاف أن المدارس الخاصة لم تلتزم باللوائح والقوانين الخاصة التي تنظم عمل المدارس الخاصة، ويعد ذلك كارثة كبيرة جدا عندما يتم منح تصاريح لفتح مدارس خاصة جديدة وكأنها عبارة عن فتح دكاكين أو بقالات للأسف الشديد، أو عدم التزام باللوائح والقوانين، وهذا كان من أسباب انتشار المدارس الخاصة بشكل كبير بحيث لا يوجد تعليم ولا يوجد شيء جديد فيما يتعلق بالمنهج أو البيئة التعليمية وإنما هي عبارة عن أخذ فلوس من الناس، والكسب السريع من التعليم، وللأسف الشديد هذا واقع مرير ينبغي التعامل معه بكل جدية ومصداقية.
وأكد خالد بأن المدارس الخاصة لا يوجد فيها كوادر مؤهلين، لأن لاختيار الكوادر لوائح خاصة حددت من الكادر المؤهل للعمل في المدارس الخاصة وحتى في التدريس العام، ولكن وللأسف الشديد لم يعد يأخذ بذلك، وبسبب كثرة المدارس الخاصة الموجودة اليوم صارت المدارس تتسابق على المدرسين، وتتعاقد معهم بغض النظر على أنه مؤهل أو غير مؤهل، بل أحيانا يأخذون من يحملون شهادة ثانوية، والكل يعرف أن مخرجات التعليم ضعيفة جدًا؛ حتى مخرجات التعليم الجامعي أيضا ضعيفة، ويأخذون من كل التخصصات، ولا يهمهم الجودة ولا يهمهم أبدًا الكفاءة إنما تغطية العجز، وعلى الرغم من ذلك نجد أن كثيرا من المدارس أيضا عندها عجز حتى في المدارس الخاصة.
واشار الى أن المدارس الحكومية تمر بأزمة كبيرة جدًا متعلقة بالإضرابات الموجودة وكذلك العجز بالطاقم التدريسي وضعف رواتبهم، وضعف البنية التحتية المتعلقة بتوفير البيئة التعليمية المناسبة سواء المباني أو الكراسي والمعامل وغيرها من الأشياء الضرورية لسير العملية التربوية في المدارس الحكومية، وبالتالي أصبحت المدارس الحكومية بيئة طاردة للعملية التعليمية.
أكثر كفاءة
ومن جانبها رأت الدكتورة وفاء الجعيدي أستاذة أكاديمية في جامعة عدن أن السبب الرئيس من لجوء اولياء الأمور الى تدريس ابنائهم في المدارس الخاصة هو اعتقاد الآباء ان المدارس الخاصة التعليم فيها أقوى من التعليم في المدارس الحكومية مع العلم ان المنهج واحد في المدارس الحكومية والخاصة و لكن عقلية كثير من أولياء الأمور محدودة ولا يدركون أن المدارس الحكومية يوجد فيها مدرسون أكثر كفاءة وخبرة من المدارس الخاصة.
اضرابات وازدحام
أما صهيب عبدالعزيز الزبيدي وهو ولي أمر يقول والله انا أدفع للمدارس الأهلية والقلب يقطر دما ولكن ما العمل مغلوب على أمري لسبب أوضاع التربية والتعليم والاضرابات وازدحام الطلبة بالفصل الواحد في المدارس الحكومية وأمور كثيرة جعلتنا أدفع بأبنائي إلى المدارس الأهلية.
بيع الكتاب المدرسي
أما الأستاذ نبيل علي حسن الوحش أرجع الأسباب التي أدت إلى العزوف عن الالتحاق بالمدارس الحكومية، وعدم توفر الكتاب المدرسي وتعطيل مطابع الكتاب المدرسي والسماح للمطابع الخاصة بطباعتها، وبيع الكتاب المدرسي للمدارس الخاصة والأهلية من قبل التربية، وضعف الكادر التدريسي وعدم تأهيله في المدارس الحكومية ،وعدم ضخ دماء جديدة من الخريجين وتوظيفهم، وبلوغ أغلب الكوادر القديمة المؤهلة سن التقاعد وضعف رواتب المعلمين وعدم أعطائهم حقوقهم المالية ومكانتهم العلمية.
أما عن المميزات التي توفرها المدراس الخاصة فذكر الأستاذ نبيل العديد من المميزات التي أدت إلى دفع أولياء الأمور بأبنائهم إليها ومن هذه المميزات: توفر الكتاب المدرسي، وتوفر بيئة مناسبة من تكييف، وكهرباء ومعمل ومختبر، سهولة الحصول على الدرجات في الاختبارات والامتحان الأغلب درجة كاملة نهائية، المتابعة المستمرة من الإدارة لأولياء الأمور، الرحلات والأنشطة الصيفية، بالإضافة إلى العدد المناسب في الفصل الواحد.
وذكر الأستاذ نبيل العديد من السلبيات الموجودة في المدارس الخاصة منها: أغلب المدارس الخاصة والأهلية الهدف منها تجاري ربحي للمال، بالإضافة إلى أن التحصيل العلمي ليس الهدف الأساسي لها باستثناء بعض المدارس فقط، وأن أغلب الكادر من الخريجين الجدد الذين ليس لهم خبرة طويلة في المجال التعليم التربوي، وأن كثرة المشاكل بسبب اعتقاد بعض أولياء الأمور أنهم يدرسون أولادهم بمال ولابد أن تكون كلمتهم مسموعة، وضعف المتابعة المستمرة لهم من قبل إدارة التربية وانما زيارات عابرة فصلية دون التدقيق في العملية التعلمية والكفاءة..
رسوم باهظة
ومن جانبه قال المهندس المعماري مارسيل محمود أحمد يعقوب وهو مدرس بكلية الهندسة بجامعة عدن أن العزوف من المدارس الحكومية إلى الخاصة بسبب الإضرابات المتتالية التي يدخل فيها المعلمون سنويا مما يؤثر على مخرجات التعلم، هذا السبب الرئيس للعزوف، وأضاف: إذا تحدثنا عن المدارس الخاصة فهناك أسباب تجعل أولياء الأمور تسجل أبناءهم فيها منها توفير البيئة الملائمة من حيث عدد التلاميذ القليل في الصف مقارنة بالأعداد الكثيرة في المدارس الحكومية، أما بخصوص الساحات وأماكن النشاطات فهناك مدارس تفتقر لذلك كونها عمارات وفلل تم تكييفها لتكون مدارس. وأما بخصوص المعلمين وجودة اختيارهم فقال: لا أعتقد أن هناك معايير للاختيار، لأن معظم المعلمين في المدارس الخاصة إن لم يكن كلهم هم في الأصل معلمين في المدارس الحكومية، أما بخصوص الرسوم فمن وجهة نظري أعتقد انها مبالغ فيها ولا يستطيع ذوي الدخل المحدود تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة بسبب أن الرسوم باهظة.
كما أوصى المهندس مارسيل بأنه يجب على الجهات الرسمية المتمثلة بوزارة التربية والتعليم الأخذ بعين الاعتبار جميع المعايير التخطيطية والتصميمية عند انشاء مدارس التعليم الأساسي والثانوي خاصة في المدارس الأهلية والخاصة، كما يجب مراعاة أعداد التلاميذ في المباني التعليمية بوجه العموم وكذلك عددهم في المدارس بوجه الخصوص وبما يتناسب مع المعايير التخطيطية والتصميمية للمنشآت التعليمية، كما يجب على وزارة التربية والتعليم توفير جميع المتطلبات الأساسية للخدمات التعليمية ( الصفوف الدراسية، مختبرات العلوم، مختبرات الحاسوب، ساحات النشاطات .. الخ ).
وأكد على ضرورة عدم السماح بتحويل المباني السكنية (الفلل والعمارات السكنية) إلى مدارس خاصة كونها لا توفر الحد الأدنى من المعايير التصميمية للمباني التعليمية، كما أنها لا توفر للتلاميذ البيئة الصحية الملائمة، وعدم منح تصريح السماح بفتح مدارس خاصة إلا إذا خضعت هذه المدارس لتصاميم تجتمع فيها جميع مواصفات المباني التعليمية وفقا للمعايير التخطيطية والتصميمية وأهم من هذا كله التزامها باللوائح والقوانين وكذا معايير اختيار الكادر التدريسي.
وفي محافظة لحج حيث مشاكل التعليم الحكومي مركبة ومعقدة بحسب عدد من أولياء الأمور، حيث يحرص أولياء الأمور على إلحاق ابنائهم الى المدارس الخاصة.
فبحسب المدرس عمران العقربي فإن المدارس الحكومية تعاني الاهمال من حيث البنية والأثاث والتجهيزات وكذا الأداء التعليمي، ناهيك عن الازدحام الشديد للطلاب في الفصول الدراسية، وما يعانيه الكادر التدريسي من مصاعب مادية أدت الى تسرب اعداد كبيرة الى المدارس الخاصة او الأعمال خارج قطاع التعليم، وإحلال المدرسين البدلاء، الذين لا يمتلكون الخبرة والتجربة الكافية.
بالمقابل ترى التربوية وفاء العزيبي أن التعليم في المدارس الخاصة على الرغم من ارتفاع الرسوم الى مستويات قياسية ووجود بعض السلبيات الأخرى إلا أنه في بعض المدارس الخاصة يترك بصمات في مستوى التحصيل العلمي من خلال الدور الفاعل للإدارة المدرسية والكادر التدريسي الذي يتم اختياره بعناية والأنشطة المتنوعة إضافة الى ما يحدث من تركيز على النظافة واهتمام بالمبنى المدرسي وساحة المدارس وتوفير الأثاث والتجهيزات المساعدة الى جانب توفير المواصلات التي تجعل اولياء الأمور غير قلقين على ابنائهم في الذهاب والإياب من المدارس.
خـــلاصـــة:
الاستطلاع في نتائجه أبرز أن التعليم في بلادنا أصبح يعاني الإهمال وغياب الرقابة، سواء التعليم الحكومي أو الخاص على حد سواء مع فارق ان المدارس الخاصة استطاعت ان تسوق لنفسها بمميزات اضافية مستغلة الظروف السيئة التي تعيشها المدارس الحكومية من بنية تحتية وتدني المرتبات
والازدحام الشديد للطلاب، وغيرها من الاشكاليات الجوهرية، التي تحتم على الدولة مضاعفة الجهود لاحتواء التدهور التعليمي واعادة صياغة السياسة التعليمية وفق رؤى حديثة ومتطورة تواكب العصر واحتياجات البلد وانتشاله من الوضع الكارثي، خاصة اذا ما التفتنا الى الواقع التعليمي الرديء الذي يعيشه ابناؤنا الطلاب في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية، وهو شديد القتامة والسوداوية، وخطرا عظيما على المجتمع، بكون المليشيا تعمل جاهدة على تجهيل الجيل وتغذيته بالأفكار المتطرفة والسلوك الفوضوي المهدد لمستقبل اليمن وأمنه واستقراره لعقود قادمة.
ليبقى أمام الدولة ومؤسساتها ذات العلاقة واجب الحرص والاهتمام بالتعليم في كل جوانب متطلباته المختلفة، واصلاح كل منظومته، كونه يلعب دورًا حاسمًا في تطوير المجتمعات، ويساهم في نمو الاقتصاد، وتعزيز الوعي، ويعزز من قدرة المجتمع على مواجهة التحديات.
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.