قراءة مُتجددة في أهداف الثورة اليمنية المجيدة
بقلم/ مرعي حميد
تبقى أهداف الثورة اليمنية الخالدة سبتمبر و أكتوبر وعلى الدوام وفي كل المُراحل غايات وطنّا اليمني المجيد و شعبنا اليمني العظيم فإن تحققت فهو يبتغي تعزيز ما تحقق و ترسيخه و الحفاظ عليه .. وإن تعثّر تحقيقها و وضعها في سياق التطبيق فهو يبتغي تحقيقها و الظفر بها ابتدأً أو من جديد …
و في هذه المرحلة التي يمر بها الشعب و الوطن اليمني ما أحوجنا لتذكّر أهداف الثورة اليمنية المجيدة استيعابها فهماً و إدراكاً و للتذكير بها بالتزامن مع ذكراها المجيدة في ظل مُتغيرين كبيرين الانقلاب الحوثي لإعادة النظام الإمامي البائد مع محاولة الحوثي التنكر لهذه الأهداف رسمياً ، و في ظل استفحال الفساد المالي والإداري في هياكل سلطة أتت لتحكم يمن الثورة لا يمن الإمامة لا بل يمن الثورتين ( سبتمبر أكتوبر ) و فبراير باعتبار ثورة أكتوبر وسبتمبر ثورة واحدة و نتائجها المباشرة مشتركة للقوى الوطنية في الشطرين ، وكل تدبير ينحرف عن أهداف الثورة المجيدة هو خيانة للثورة و للوطن .
الثورة اليمنية في شمال اليمن و في جنوبه قامت لتحقيق ذات الأهداف الستة ولذا نجد التحرر من الاستعمار من ضمن الهدف الأول و قد كان الاستعمار أو بالأصح الاحتلال جاثم على الشطر الجنوبي لا الشمالي.
﴿ الهدف الأوّل ﴾
1- التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات .
الحرية البناءة الإيجابية هدف رفيع يسعى إليه من فقده إنسان أو مجتمع أو أمة ، ومكسب كبير يستحق بذل النفيس من أجله فهو أولوية قصوى و هو أساس تُبنى عليه معظم المكاسب ذات القيمة والشأن الكبير في حياة الإنسان و المجتمع.
و الحرية تكون مما يُكبل اليدين و يكبح السعي الجميل و يخنق التطلعات المشروعة للإنسان وللمجتمع … فمما كانت الثورة والثوار يبغون و ينشدون التحرر ؟؟ … الجواب تالياً في النص : الاستبداد و الاستعمار و مخلفاتهما ..
الاستبداد من أسوأ ما قد تُصاب به الأوطان والشعوب ، والاستبداد المقصود هنا هو الانفراد بالسُلطة السياسية و هذا حال كل أجزاء الشطرين فالاحتلال البريطاني في الجنوب فارض إرادته و مسيطر ، إرادة الناس تحت حكمه الذي هدفه خدمة مصالح بريطانيا أكبر دولة احتلال و استغلال ونهب خيرات الأوطان في ذلك العهد ، و الإمام في الشمال ينفرد بالحكم من دون أي ضابط حقيقي و حتى الإسلام كان مخالف لتعاليمه في العدل و الأمانة و أما المساواة كمبدأ إسلامي فقد كانت الإمامة و فكرتها العنصرية حرب شعواء عليها و نكبة كُبرى … كان حكم ارتبط به انتشار الفقر و المرض والجهل .. وقد كان الخلاص من الحكم الإمامي الكهنوتي البغيض تطلع قديم للشعب و هدف أصيل بل هدف الأهداف و مجمع آمال الشعب … وكان القضاء على النظام الإمامي المُستبد الظالم والفاسد هدف أوّل و مكين من أهداف الثورة وهو يعني بالضرورة بناء نظام غير مستبد ولا ظالم و قد خُصص كذلك لهذا الأمر البند الرابع من بنود أهداف الثورة…
و قد جاء لفظ الاستعمار لوصف القوة البريطانية الغاشمة المسيطرة على الجنوب و الأولى والأصوب كان لفظ الاحتلال و لكن كانت لفظة الاستعمار هي السائدة في ذلك الوقت و هي لفظة حمّالة وجهين في ظاهرها فهي تبدو كأنها قوة تعمير للبلد الذي تحل فيه و الصحيح أنّ هذا الوجود العسكري والسياسي هدفه تعمير بلد المُستعمرِن لا بلد المُستعمرَين وهذا هو الوجه الثاني وهو الوجه الصحيح و الآخر دعوى إجرامية لا تنطلي على عقلاء البلد الرازح تحت نفوذ تلك الدول المجرمة سلطاتها السياسية لخدمة بلدانها على حساب خراب و خرائب الضحايا أوطاناً و شعوباً…
و شمل البند الأول الخلاص من ( مخلفاتها ) أي مخلفات الإمامة و الاحتلال و هو النتائج السلبية و القوى المرتهنة للإمامة و للإحتلال الدائرة في فلكهما فلا بد من تخليص الشعب والوطن من أثرها و تجنيب الوطن أن يقع فريسة لهما ، و هو هدف هام جداً ليكون الوطن متخرراً والشعب حُراً حقاً فهؤلاء لا يريدون للوطن خير و لا خلاص من المساوئ و الجور و الحرمان …
(( وإقامة حكم جمهوري عادل )) …
نظم الحُكم الحديث ثلاثة أنواع :
جمهوري : يقوم على أساس اختيار الجمهور أي عموم الشعب لحكامه و هم يديرون الشأن العام بما يخدم مصلحة الجمهور / الشعب و بما يخدم حاضر البلد و مستقبله وبما يتطابق مع الدستور و القانون .
ملكي : و هو حكم يرث فيه الحاكم أحد أقاربه مثل أخيه أو ابنه أو ابن عمه ، و قد يكون حُكم صالح و قد لا يكون و ذلك بحسب أخلاق الملك فيه وحاشيته و مدى حرصهم على ما ينفع أهل البلد المعني ، و هو حكم يقوم غالباً على دعوى امتلاك ( الأسرة الحاكمة) للأرض التي قد تكون سيطرت عليها بالقوة من حكم سياسي سابق لهم أو من عشائر وطوائف من الناس وحدتهم تحت حكمها ، و قد لا يوجد نظام محدد يلتزم به الملك و الأسرة الحاكمة …
ملكي دستوري : ويوجد فيه ملكية صورية يتوارثها الآباء و الأبناء و لكن لا يمارسون الحكم ولا يباشرون تسيير مجالات الحياة و تفعل ذلك حكومة تتحدد وفق انتخابات برلمانية عامة تتنافس فيها الأحزاب والقوى السياسية كما هو الحال في بريطانيا ( المملكة المتحدة) ..
وقد اختار الثوار وقادة الثورة اليمنية النظام الجمهوري كخيار أنسب للشعب اليمني الذي رفض الملكية و حدثت فيه ثورة دستورية ولكنها أجهضت و أفشلت . و النظام الجمهوري هو الأنجع للشعب والوطن متى توفرت الانتخابات الحُرّة و النزيهة وهذا هو النظام العادل الذي أكّدت عليه الأهداف .. ومن العدالة أن يُقام الحكم وفق دستور عادل و قانون عادل وتطبيق عادل لهما فلا يستثني أحد و لا يُحابي أحد فيمنحه ما لا يمنح الآخرين أو يعفي أفراده و مقربيه مما يُلزم به الآخرين …
(( وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات )) … نهاية نص البند الأول من أهداف الثورة…. لقد كان الوطن يرزح تحت نظام طبقي مُغرق في العصبية و التخلّف ، نظام هدفه الحقيقي خدمة هذة الطبقات و تلبية مصالحها و ضمان نفوذها و تسلّطها على رقاب بقية الشعب من دون أي وجه حق ، طبقات وقلّة محدودة لها الامتيازات والمنافع تستضعف الغالبية العظمى المغلوب على أمرها ، و في ظل وضع كهذا فإن قيام الثورة ضد النظام الحاكم تعني بالضرورة إلغاء الامتيازات الظالمة المُجحفة و بسط المساواة بين أفراد المجتمع أمام الدستور والقانون فالكل متساوين في الحقوق والواجبات والحريات البناءة …
الهدف الثاني
2- بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها
حين تكون الثورة و تنتصر فلابد من قوة مُخلصة تتكوّن على عينها تحميها و تمنع انتكاس الثورة و تحول دون عودة الظالمين ، و جدير بكل ثورة وبكل ثوار أن لا يضعوا كفاحهم و لا نضالهم ولا أسلحتهم إلا بعد أن يُقيموا جيش مُخلص لأهداف الثورة بقيادة مُخلصة للشعب تضع اهداف الثورة نُصب أعينها على الدوام لضمان تحقيقها و الحفاظ على مكاسبها وعدم الانحراف عنها … و ذلك هو الجيش الوطني الصادق مع الشعب الثائر لا مع فرد طاغية ولا فرّد إمّعة و لا نظام ظالم غاشم لا يُقيم للشعب قائمة ولا لمصالحه اعتبار إلا بما يخدم بقاءه واستمرار بغيه وعدوانه و تمتّعهُ بخيرات الوطن و إبقاء الشعب في براثن الحرمان والقهر والمرض والجهل … وإعادة الإرث البائد بطريقة جديدة وقد هدمت بُنيانه الثورة …
الهدف الثالث
3- رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا
إنّ هذا الهدف يحقق الترجمة المُتقنة لأهداف الثورة ، إنّه المُعالجة العملية لواقع الشعب صاحب الحق في السلطة و الثروة ، إنه بتطبيقه يُخرج الثورة الناجزة إلى أرض الواقع من فضاء التنظير الجميل و الوصف الأنيق .
وتتم ترجمة هذا الهدف النبيل عبر البرامج والمشاريع التنموية التي تستهدف كافة مناحي الحياة …
الاقتصاد عبر تعزيز الاقتصاد الوطني و العملة المحلية ذات القيمة السوقية الجيدة و توفير فرص العمل بفتح المجال للعمل والإنتاج الحُر بما في ذلك التجارة الحُرّة واستثمارات القطاع الخاص و فتح المجال لما يُناسب و ينفع الوطن من الاستثمارات الخارجية بالإضافة إلى ما تحتاجه الحكومة من وظائف و موظفين وما تنهض به من مشاريع استراتيجية توجد البُنية التحتية و توفر الخدمات العامة المتنوعة للسكان المجانية أو محدودة التكاليف ؤ ولكل بلد ظروفه الاقتصادية التي تؤثر في هذا كله .
و رفع مستوى الشعب اجتماعياً بتعزيز التعاون بين صفوفه و نشر وتعزيز القيم الرفيعة و الفضائل الخُلقية عبر المناهج الدراسية و الإعلام الرسمي والخاص و عبر الخطاب الديني الموجّه لتحقيق النموذج الرفيع من العلاقات الاجتماعية و الحيلولة دون ما يُعرقل ذلك أو يهدم ما تحقق على صعيده …
ورفع مستوى الشعب سياسياً عبر التوعية السياسية و الدستورية والقانونية ليفهم ما له من حقوق سياسية و ما عليه من واجبات سياسية ليكون مُشارك بإيجابية في الحياة السياسية من خلال المشاركة الواعية في الانتخابات بجميع أنواعها و التعريف بالسلطات التي يتم انتخابها و مهامها و واجباتها و التعريف بالنظام الديمقراطي و مزاياه و مضامينه،مع رفع الشعور بالانتماء الوطني و مضامين هذا الانتماء وأولها إعلاء المصلحة العامة فوق أي مصالح خاصة مع الامتناع عن أي سعي أو حرص أو عمل من شأنه تحقيق المصلحة الشخصية بالنيل من المال العام أو المحسوبية و التواطئ و الرشوة و نحوها … وللأحزاب الوطنية دور مهم في تحقيق هذا الهدف عبر أنشطتها و برامجها و أعمالها التوعوية وسط المجتمع عبر الكلمة المسموعة و الكلمة المكتوبة .
ورفع مستوى الشعب ثقافياً عبر تعميم التعليم المجاني أساسي ثانوي جامعي و بناء المدارس والجامعات و توفير المنهج الناجح و الطاقم التعليمي المؤهل و تشجيع القطاع الخاص ليدلي بدلوه في هذا القطاع الحيوي كما القطاعات الاقتصادية والخدمية … و يشمل رفع المستوى الثقافي للشعب توفير العمل بأساليب و وسائل التقفيف الجمعي كالقنوات التلفزيونية و الاذاعات و الصحافة الحكومية و التي تعمل وفق سياسية تثقيفية راشدة تخدم البناء المتوازن للشخصية من جميع الجوانب و تمتنع عن بث الأفكار الضاره والهدامة و المُفسدة للحياة العامة و للحياة الخاصة … كما يدخل في إطار ذلك تشجيع الابداع الثقافي الإيجابي تأليفاً و إنتاجاً ومن ذلك الصحافة الحُرّة و الإعلام البنّاء الخاص في ظل الالتزام بالدستور و القانون ….
الهدف الرابع
4- إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل، مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف التنمية المجتمعية ، تنمية الإنسان ، أو التنمية البشرية بالمفهوم الحديث من ضروريات الازدهار الوطني العام و الفردي ، و النص حدد بوضوح مجتمع بثلاث معالم سلوكية فعالة و بناءة و راشدة …
مجتمع ديمقراطي مؤمن بالديمقراطية كأسلوب وحيد في الحكم والممارسة السياسية بما في ذلك تأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية و الانضمام الطوعي لها و النشاط في صفوفها من دون اختلاف يهدم وشائج المودة بين الناس و إنّما التنافس الإيجابي الهادف خدمة الصالح العام و تحقيق المزيد من التنمية العامة و الازدهار الوطني.ومن دون التعصّب إلا للحق و للخير يتحقق للمجتمع …
و هو مجتمع تعاوني يتكاتف و يتضامن أفراده مع بعضهم البعض في القيام بما يصلح الحياة العامة والحياة العائلية و الشخصية لكل منهم في المجال الديني الإسلامي و المجالات الخدمية والإنتاجية و الثقافية ….
وهو مجتمع عادل لا يظلم فيه أحد أحد بأي طريقة و بأي مقدار مجتمع هدف أفراده التمتع بالعدل و الحصول على العدل في كل شأنهم و امتناعهم عن أن يكونوا سبب في حصول ظلم لبعضهم البعض ، مجتمع العدل فيه القيمة الرائجة و الظلم الممارسة المرفوضة من أي أحد تصدر سواء من عموم الناس أو من خاصتهم من أصحاب المناصب العامة أو المناصب الاجتماعية و الواجهات التي لها اعتبار خاص يحترمه الناس…
وهو مجتمع (( مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف )) ، فالإسلام دين الشعب اليمني المُسلم وهو المنهج الأصلح ليسعد الناس في حاضرهم و في مستقبلهم ، ويستقيم لهم أمر معاشهم و أمر معادهم .و هو ليس مُجرّد قناعات نظرية بل وممارسة تطبيقية تجد صداها في تحويل تعاليم الإسلام و نصوصه إلى قوانين وأحكام تُنظم حياتهم الجمعية العامة وحياتهم الشخصية . إنّه التجسيد الحي لتوجيهات الإسلام السامية وتعاليمه الراشدة والعادلة وبالتالي الحياة الآمنة الكريمة المُستقرة وهذا ما ينشده كل إنسان سوي لنفسه ومن نفسه و من الآخرين وللآخرين …
الهدف الخامس
5- العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة
اليمن المعلوم اليوم من صعدة وإلى المهرة هو اليمن في كتب الجغرافيا العربية منذ القرون الخالية و لا يزعم غير هذا إلا ساعٍ لفرقة يحقق من خلالها أهداف شخصية تُعرض مصلحة اليمن و اليمنيين للتهديد ، كل أبناء شمال اليمن و جنوبه و شرقه اجتمعوا على كلمة الوحدة وعلى فضية الوحدة و آمنوا بواحدية الأرض اليمنية و حين برز دعاة الأتانية والحقد و الأثرة و الشُح و اللهاث المحموم خلف المصالح الشخصية و خدمة المُغرضين المتربصين بالوطن برزت الدعاوى المُغايرة للثقافة الوحدوية اليمنية …
وقد قامت الثورة اليمنية في الشمال والجنوب في ظل التفرقة القسرية التي أنتجتها أنظمة حكم كانت تبحث فحسب عن مصالح سدنتها و كانت تجدها في تفرقة الشعب ، و لكن من الأمر المرفوض كذلك اتخاذ الوحدة وسيلة لتحقيق مصالح أنانية لا تتحقق إلا بها ، فالوحدة قيمة عُليا وحالة سامية و ضرورة وطنية ، وكل تعدي على وحدة اليمن أو لجوء إليها لتحقيق مآرب أنانية مرفوض جملة وتفصيلاً و سلوك مرذول من أياً صدر ،
الوحدة اليمنية قوة بيد الشعب اليمني وحق له من جملة حقوقه في ظل قيادة وطنية صادقة مع الشعب ومع الوطن قيادة تؤمن بأهداف الثورة اليمنية و تصدر عنها و تنطلق منها كثوابت وطنية لا محيد عنها ولا تفريط فيها و لا تخلي عنها ولا تنازل و لا إفراغ لها عن محتواها الوطني الأمين، و كل إساءة من قيادة سياسية للشعب فلا تتحمل وِزرها الوحدة بأي حال من الأحوال و إنما من يتحملون المسؤولية السياسية… و قد توصّل اليمنيون إلى طريقة يمنعون فيها مثل ذلك التغوّل منعاً نهائياً ألا وهي طريقة الحكم الاتحادي الذي يتم فيه الحفاظ على الوحدة اليمنية كحق للشعب اليمني مع وجود اليمن في ستة أقاليم تضمن منع التغول و عقلية التوحّش السياسي و المالي و تكبحها و إلى الأبد. ولقد تجاوز الثوار السبتمبريون و الأكتوبريون عتبة الوطن اليمني الواحد ليطمحوا بوحدة عربية عادلة تجمع شتات العرب و تضمن قوتهم و تُعيد لهم هيبتهم و كرامتهم و تطرد كل قوة احتلال على أرضهم الواحدة و وطنهم الواحد الوطن العربي المجيد . ومن هنا تأتي أهمية كل تعاون عربي مُشترك من أجل خير الشعوب لا من أجل مصالح الحكام على حساب مصالح شعوبهم …
الهدف السادس
6- احترام مواثيق الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي، وعدم الانحياز، والعمل على إقرار السلام العالمي، وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم
اليمن كما هو جزء من الوطن العربي فهو لا ينفصل عن كونه دولة من دول العالم يرتبط بها بالضرورة و يرتبط به العالم لا سيما لعامل موقعه الاستراتيجي على طريق التجارة العالمية الرابط بين الشرق و الغرب… ليس اليمن بمعزل عن العالم وهو يتعاطى معه بإيجابية
(( احترام مواثيق الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية )) … هكذا كان مُبتدأ نص البند السادس من أهداف الثورة. و الأمم المُتحدة مقصود بها منظمة الأمم المُتحدة ، وهي مُنظمة دولية رسمية مُعترف بها و هي بمثابة الحكم السياسي الدولي الذي ينظر في النزاعات و المنازعات بين الأمم و يسعى في حلّها بعدالة و إنصاف و نزاهة ، وهذه هي الطبيعة الأصلية للمنظمة الدولية ، و هي تسعى لضمان الأمن والسلام العالمي وتعزيز العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل و المصالح المُتبادلة المشروعة …
وقد جاءت الثورة مُعلنة احترامها لميثاق الأمم المتحدة وهو النظام التي قامت وفقه وفي إطاره حين تم إعلانها عام 1945م على إثر نهاية الحرب العالمية الثانية التي طالت آثارها التدميرية و السلبية معظم دول العالم… و شمل النص احترام مواثيق ( المنظمات الدولية) وهي منظمات مُتفرّعة عن المنظمة الأم كاليونسف و اليونسكو و الفاو تعمل معاً على تحقيق الكثير من الأهداف الإنسانية الصحية و الثقافية و الغذائية
( والتمسّك بمبدأ الحياد الإيجابي، وعدم الانحياز ))
حينما قامت الثورة اليمنية مطلع الستينيات كان العالم منقسم إلى ثلاثة أقسام المحور الغربي ( الرأسمالي ) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و المحور الشرقي ( الشيوعي) بقيادة الاتحاد السوفيتي… وحتى لا تُحسب اليمن على طرف فيناصبها العداء الطرف الثاني جاء هذا النص ليضع اليمن ضمن القسم الثالث و هو محور الدول غير المُنحازة لايٍ من الطرفين أو محور الدول المُحايدة في الصراع فهي قد حادت عن لهيب الصراع الذي كان حاصلاً بين المعسكرين الغربي والشرقي ، ويعني هذا أنها تحتفظ بعلاقات صداقة مع دول كلا المحورين المتصارعين دون أن تكون محسوبة على أياً منهما فهي تقيم علاقات مع دول المعسكرين على أساس الاحترام المتبادل و المصالح المشتركة فاليمن بطبيعة الحال لا تستغني عن المصنوعات و المُتتجات المتنوعة أينما وجدت و وجدتها مُناسبة لها من دون اعتناق الأفكار الرأسمالية أو الشيوعية الاشتراكية التي كانت سائدة في تلك الدول ، ولكن اليمن في غِنى عن الدخول في آتون ذلك الصراع المحموم أيدلوجياً و سياسياً واقتصادياً و ثقافياً. وقد انظمت اليمن لمنظمة عدم الانحياز عقب الثورة المجيدة وهي منظمة تجمع الدول و تُنسّق سياستها و تحدد مواقفها العامة والخاصة من مُجمل القضايا العالمية التي تهم كل الدول و الأمم والشعوب .
(( والعمل على إقرار السلام العالمي، وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم )) …
وهذا هو محتوى السياسية الخارجية للجمهورية الوليدة على المستوى الدولي ، والسلام حاجة لا غنى عنها لكل دول العالم و شعوبه لينعم الجميع بالأمن وليحقق الجميع التنمية و مزيد التنمية و يبعدوا شبح الحروب و الخراب والدمار و يتوقفوا عن صرف المبالغ الباهظة في الحروب البينية غير المُباشرة بين الدولتين العظميين ( الحرب بالوكالة)…
وإذا كان السلام هدف ليسود بين حكومات دول العالم فإنّ التعايش السلمي مبدأ مهم وحيوي أن يسود بين شعوب دول العالم فهو ضرورة ليترسخ لدى الجميع نهج التعايش الذي يزدهر في ظله التعاون و التفاهم و التثاقف و يزدهر التعاون العلمي و المعرفي والتكنولوجي ، و تنشط التجارة العالمية و يتعزز الاقتصاد العالمي بعيد عن سمات الاحتكار والهيمنة و مد النفوذ لنهب خيرات الآخرين و استغلال عرقهم و شقاهم لينمو ويزدهر سواهم .
لقد جاءت الثورة اليمنية المجيدة لتؤكد في أهدافها على هذا الارتباط الوثيق بين الأمم و الحكومات و لتضع عناوين عريضه مُحددة له و مُنظِمة كانت هي من مُجمل معالم السياسية الراشدة في تلك الفترة وعلى الدوام.
وختاماً .. جيدة هي ذكرى الثورة لا تُنسى ، وهي مناسبة لتذكّر أهداف الثورة و لتحقيق المزيد من فهمها و للدعوة لتطبيقها والحفاظ على ما تحقق منها و للذود عن مكاسبها و مناسبة لنقف عند مدى تحقق أهداف الثورة المجيدة و لذلك وقفة في مقال قادم مُستقل ونحن نعيش أجواء الذكرى العبِقة …
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.