الهجوم السيبراني والقطيعة الدبلوماسية

عميد دكتور/ جلال فضل محمد
تشكل العلاقات الدبلوماسية أهمية كبيرة لتسهيل العلاقات الودية والمصالح المتبادلة بين الدول في المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي تتم بالاتفاق المتبادل بين دولتين هما المستقبلة والمرسلة، وشكلت كل من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية أول محاولات دولية لتقنين القواعد الدولية العرفية، التي تحكم هذه العلاقات، وقد كان ذلك في إطار مهمة لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة حيث قدمت مشروعين أحدهما خاصاً بالنظام الدبلوماسي وآخر بالنظام القنصلي، وأضحت هاتان الاتفاقيتان تمثلان تنظيما قانونيا ينظم ويضبط هذه العلاقات.
وقد تتعارض العلاقات الدبلوماسية بين دول إلى توتر تنهي بقطع العلاقات الدبلوماسية، وقطع العلاقات الدولية بين الدول قد يكون شفهيا، أو قد يكون وفق كتاب وفيه يقوم وزير الخارجية باستدعاء البعثة، سواء كان وزيرا أو مفوضا ثم يتم إبلاغه بقرار حكومته في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ويطلب منه ومن أعضاء بعثته مغادرة البلاد.
وفي الآونة الأخيرة شكل الإرهاب الإلكتروني أو الهجوم السيبراني، أهم التهديدات التي قد تسبب في قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول، فعلى سبيل المثال: أدان «حلف شمال الأطلسي»، الخميس 8 سبتمبر 2022م، الهجوم الإلكتروني الذي استهدف ألبانيا مؤخراً، والذي ألقت واشنطن ولندن وتيرانا باللوم فيه على إيران، في وقت فتشت فيه شرطة مكافحة الإرهاب في ألبانيا السفارة الإيرانية في تيرانا بعد إخلائها وقيام دبلوماسيين إيرانيين بحرق وثائق داخلها في وقت مبكر الخميس قبل ساعات من مغادرتهم الأراضي الألبانية، إثر قطع العلاقات بين البلدين.
وقال «مجلس شمال الأطلسي» الذي يضم ممثلين للدول الأعضاء في الحلف وعددها 30، في بيان: «ندين بشدة مثل هذه الأنشطة السيبرانية الخبيثة التي تهدف إلى زعزعة استقرار حليف وإلحاق الضرر بأمنه، وتعطيل الحياة اليومية للمواطنين». وأضاف أن «(حلف شمال الأطلسي) والحلفاء يدعمون ألبانيا في تعزيز قدراتها الدفاعية الإلكترونية لمقاومة وصد مثل هذه الأنشطة السيبرانية الخبيثة في المستقبل».
وقطعت ألبانيا العلاقات الدبلوماسية مع طهران الأربعاء، وحمل رئيس الوزراء، إيدي راما، طهران المسؤولية عن الهجوم الإلكتروني الذي وقع في يوليو (تموز) الماضي، وأمهل دبلوماسييها 24 ساعة لإغلاق السفارة ومغادرة البلاد.
وقال راما، في خطاب مصور نادر، إن الهجوم الإلكتروني «هدد بشل الخدمات العامة، ومحو الأنظمة الرقمية، واختراق سجلات الدولة، وسرقة المراسلات الإلكترونية الداخلية الحكومية، وإثارة الفوضى والانفلات الأمني في البلاد».
كما ألقت واشنطن أقرب حلفاء ألبانيا، باللوم أيضاً على طهران في الهجوم، ووعدت بـ«باتخاذ مزيد من الإجراءات لمحاسبة إيران على الأفعال التي تهدد أمن (دولة) حليفة للولايات المتحدة». وفي وقت لاحق، قالت بريطانيا إن مركزها الوطني للأمن الإلكتروني رصد عناصر مرتبطة بالدولة الإيرانية بوصفها مسؤولة «بصورة شبه مؤكدة» عن هجوم إلكتروني. وقال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، في بيان: «تصرفات إيران المتهورة أظهرت تجاهلاً صارخاً للشعب الألباني».
وبعد أيام من الهجوم الإلكتروني، أفادت وسائل إعلام في تيرانا بأن قراصنة قد نشروا بيانات شخصية لأعضاء المعارضة كانت محفوظة في أجهزة كومبيوتر حكومية في ألبانيا.
الجدير ذكره، بأن قطع العلاقات الدبلوماسية بين ألبانيا وايران ليست المرة الأولى، فمنذ ديسمبر (كانون الأول) 2018، طردت ألبانيا 4 دبلوماسيين إيرانيين من تيرانا بينهم السفير، متهمةً إياهم بالقيام بـ«أنشطة مضرة بالأمن القومي». واتهمهم المعارضون الإيرانيون بأنهم «عملاء للاستخبارات السرية الإيرانية يعرّضون حياتهم للخطر في ألبانيا».
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.