“ذي قار” في نسختها الثانية

img

أحمد ردمان

 

كثيراً ما يكون للدول الباغية انكسارات بعد انتفاشاتها إثر حدث فارق في الميدان العسكري، تليه انتكاسات سياسية تكفل ذبول الدولة وبداية انحدارها، ولعل الكثير من تلك التحولات السلبية تحدث بعد نشوة وصلت إليها تلك الدولة، وبما يجعل منها مطمئنة لمعاركها على اعتبار حتمية النصر الذي أضحى سمة بارزة في مسيرتها العسكرية لفترة من الزمن.

 

لقد كانت معركة ذي قار في أرض العراق علامة فارقة في سماء الانتصار العربي على المشاريع الغازية التي تلمظت بدماء العرب واستسهلت هزيمتهم، وبالتالي رضوخهم وانقيادهم عبر وكلائهم من مرتزقة القبائل العربية ممن هم على شاكلة إياس بن قبيصة الطائي الذي يمثل دوره اليوم المشروع الإمامي في اليمن والذي يقوم بالنيابة عن المشروع الفارسي بتدمير مهد العروبة بغية التمهيد للاحتلال الفارسي.

 

ولكن هاني بن مسعود الشيباني وقبائل بكر بن وائل وغيرها من القبائل العربية التي اعتزت بذاتها، وانتفضت لكرامتها كانت السيف الذي قطع اليد الفارسية، والقوة التي مرغت أنف كسرى في تراب ذي قار العربية.

 

ولعل قبائل مأرب وأحرار الجيش الوطني اليوم يمثلون دور الشيباني وقبائله وغيرهم من الأباة في هزيمة المشروع الفارسي في صحراء مارب والجوف وغيرها من الجبهات، ذلك أن امتلاك أُباة اليوم مشاعر أُباة الأمس نابع عن قيم الإباء المتوارثة من الأجداد للأحفاد الذين يستلهمونها من ماض عريق، ويغذوها استشعارهم لخطورة العدو الفارسي اللدود.

 

ولقد كان استنجاد اليمنيين بأشقائهم العرب شبيه باستنجاد النعمان بن المنذر بآل شيبان وغيرهم من القبائل التي استجابت لرابطة الدم العربي ولنداء الشهامة الأصيلة، فكانت المعركة في مهد العروبة ضد الفرس المعتدين، وها هي اليوم معركة ذي قار في نسختها الثانية تتكرر في الرمال المتحركة التي تغوص فيها قوائم خيول الفرس، وتغرق في دمائها المشاريع الإمامية الضالة.

 

إن معركة الجيش الوطني اليوم لا تمثل الشعب اليمني فقط، ولا تدافع عن كرامة اليمنيين حصرا، إنما هي معركة المصير المشترك في الجزيرة العربية بل والمنطقة العربية أجمعها، وذاك ما يضفي قدسية إضافية لمعركة الجيش الوطني وبما يضيف مسؤوليات أخلاقية لدول التحالف ولكل عربي بوجوب دعم الجيش الوطني وأهمية إسناده لتحقيق النصر المأمول في أسرع وقت ليسْلم العرب من شرور الفرس، ويحققوا لأوطانهم الأمن والسلام الكفيل بتهيئة الأجواء للبناء والتنمية والإعمار في قادم الأيام.

مواضيع متعلقة

اترك رداً