الشهيد السامعي.. مشوار نضال حتى الطلقة الأخيرة في الصحراء الفاصلة بين محافظتي مأرب والجوف

img

سبتمبر نت/ خاص

 

عرفته المواقع الأمامية لجبهات قتال عدة، في محافظتي تعز ومأرب، إلا أنه رابط لأربع سنوات كاملة، مقاتلاً صامداً، وقائداً فذاً، ومنازلاً لعناصر المليشيا الحوثية المتمردة، في جبهات محافظة الجوف، شمالي البلاد.

 

مشوار من النضال، والتضحية والفداء، ومعارك بطولية خاضها الشهيد العقيد محمد سلطان عبدالعزيز السامعي، مع رفقائه في الجيش والمقاومة، وما زالوا يتذكرون مآثره وتضحياته وجنديته ثم قيادته، التي يتذكرها كل من قاتل وعاش معه لحظات الثبات والاستبسال في جبهات القتال، التي عشقته قبل أن يعشقها ويرابط فيها أياماً وليالي طوال، جعلت من أمه وأفراد أسرته يشدون الرحال للقائه واحتضانه قبل أيام من استشهاده وكان الوداع الأخير.

 

أحجار حام السوداء ورمال صحرائها، تركت شيئاً من طبيعتها على جبينه وقلبه الشجاع، ظل فيها أربع سنوات مقاتلاً شرساً المليشيا الانقلابية، إلاّ أنه كان في حنين دائم لرؤية والديه، كما يقول زملاؤه، بعد أن فارقهم، ملبياً نداء الوطن والواجب، ملتحقاً بصفوف الجيش، مدافعاً عن مبادئه حتى الطلقة الأخيرة في الصحراء الفاصلة بين محافظتي مأرب والجوف في نوفمبر الماضي.

 

قبل أيام من استشهاده، اشتاق محمد السامعي للقاء والديه، وقرر الاتصال بهم يطلب منهم زيارته في مأرب، كونه لن يستطيع ترك الجبهة والسفر إليهما في مديرية سامع بمحافظة تعز، فشدت أمه الرحال إليه، وهي تعلم بأنه لن يأتي، وقد أقسم كما أقسم غيره من أبطال الجيش الوطني، بأن لا عطلة ولا إجازة مطولة إلا بعد انجاز الوعد وتحرير صنعاء، أو الشهادة في سبيل ذلك، فالعطلة محرمة على أصحاب القضية والمبدأ الصحيح.

 

قلب الأم وحنانها هو من قادها للقاء الأخير، فقررت والدة الشهيد “محمد السامعي” زيارة ابنها، فتوجهت صوب مأرب، تشق الصحارى وتجتاز المسافات لآلاف الأميال، غير مدركة لوعثاء السفر ولا لكآبة المنظر، ولا لطول الطريق، لكنها مصممة على لقاء ابنها مهما كان الثمن، ولم تدرك أنها ستقضي مع ولدها أياماً فقط، بعد سنين من الفراق والشوق.

 

كتب له أن يرى أمه مجدداً وأن يشتم من رائحتها العبقة، التي طالما اشتاق لها، مسوفاً الأمر، حتى تحرير الأرض، ومناجزة المليشيا، وإنهاء الانقلاب، وسيكون حينها وقت تحقيق الوعد الذي وعد به المناضلون، بأن يعودوا إلى حياتهم العادية، وإلى أهلهم بعد أن حققوا لبلادهم أعظم إنجاز، يضاف إلى إنجازات العظماء، من ثوار ثورتيه التحررتين، (26 سبتمبر و14 أكتوبر) الخالدتين.

 

بقي مع والدته أياماً فقط، وحين اشتدت المعارك وحمي الوطيس في جبهات الجوف، لم يتقاعس ويفضل الجلوس في البيت، كيف لقائد مثله أن يحبذ الجلوس في البيت وزملاؤه وأفراده يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل تخليص وطنهم من نجس المليشيا وداعمتها إيران.

 

فكانت العودة الأخيرة إلى جبهات العزة، شرق محافظة الجوف، مقبلاً غير مدبر، وفي مقدمة الصفوف، لينال الشهادة، راوياً بدمه تراب الوطن، الذي نذر نفسه له منذ الربع الأول من العام 2015م، حيث شارك في جبهات الضباب، غربي محافظة تعز، ضمن قوات اللواء 35 مدرع.

 

محطات نضالية ستظل تتحدث عنه، والذي كان له أدواره الكبيرة فيها، ومنها معارك تحرير مشرعة وحدنان، ليقود بعدها مجاميع قتالية، في أطراف مديرية سامع في المواقع المساندة لجبهة المسراخ، لينتقل في العام 2016 إلى محافظة الجوف ضمن اللواء 122 مشاة، ليعين قائدا لأحد المواقع في جبهة حام، غربي المحافظة، ثم عمليات الكتيبة الأولى، فأركان الكتيبة، ثم قائدا للكتيبة ذاتها.

 

وبحسب شهادة العديد من أفراد اللواء، فقد “كان العقيد السامعي ملازما للصفوف الأمامية لا يفارقها إلا للراحة في أوقات تكون المعارك متوقفة، أما في أوقات اشتعال المعارك كان الشهيد يرابط فيها أسابيع”.

 

 

مواضيع متعلقة

اترك رداً