الأخبار الرئيسيةانتهاكات المليشياتقارير

مليشيا الحوثي.. مسيرة من نهب المساعدات الإنسانية

سبتمبر نت/ تقرير

الاتفاقيات والعهود الدولية بما فيها القانون الدولي الإنساني اعتبرت ممارسات الاستيلاء على المساعدات الإنسانية وعرقلة مرورها إلى مستحقيها واستهداف طواقمها جريمة جسيمة ترتقي إلى مصاف جرائم الحرب، كونها جرائم تتسبب بشكل مباشر إلى مضاعفة حدة الأزمات الإنسانية وزيادة انتشار رقعة الجوع، وفي حين أن هذه الجرائم والانتهاكات ترفضها أيضا الأعراف والعادات والتقاليد المحلية، لم تتوقف مليشيا التمرد الحوثي عن هذه الممارسات منذ انقلابها وحتى اللحظة.

استنفدت مليشيا التمرد الحوثي خلال سنوات الحرب كل موارد الدولة وموارد الشعب واستحوذت على موارد العديد من المؤسسات والمنشآت الحيوية لصالح عناصرها وما تسميه بالمجهود الحربي ولم تتوقف عند هذا لكنها دأبت على سرقة ونهب كل ما تقدمه الإنسانية للمحتاجين والمتضررين والأسر الفقيرة من معونات غذائية ومستلزمات أساسية تعينها على متطلبات الحياة اليومية بعد أن فقدت سبل معيشتها.

إمداد للجبهات

سخرت مليشيا الحوثي مواد الإغاثة لإمداد مقاتليها في الجبهات، وسجلت العديد من وقائع الحصول على مواد غذائية مخصصة للإغاثة في مواقع وجبهات القتال التابعة لها، كانت آخر هذه الوقائع تمكن قوات الجيش من العثور على مواد غذائية تتبع الغذاء العالمي مخصصة للإغاثة في مواقع للحوثيين بصرواح بعد دحرهم منها بعملية فجائية ومباغتة، ولم يقتصر الأمر على الغذاء فقد استحوذت المليشيا على سيارات دفع رباعي خصصها البرنامج الإنمائي لنزع الألغام وأخرى منحتها الصحة العالمية لتعزيز العمل الصحي لتسخرها في عمليات حربية وعمليات متعلقة بالإمداد والتموين والنقل إلى مواقع القتال.

ابتزاز ممنهج

تضاعفت ممارسات الابتزاز من قبل المليشيا لممثلي الهيئات الأممية تمثلت في فرض القيود التعسفية عليهم وعلى طواقم عملهم تحت ذرائع الاشتباه بالإصابة بوباء كورونا، والمطالبة بتقارير ومعلومات وتراخيص إضافية للأنشطة والأعمال الروتينية وغيرها، وشملت ممارسات الابتزاز فرض قيود واشتراطات غير قابلة للتحقق على تنفيذ الفعاليات والدورات التدريبية والأنشطة الصغيرة، واشتراط طلب الإذن عند الإقدام على تنفيذ أي من الدورات التدريبية حتى وإن كانت تستهدف العاملين في الهيئات التابعة للأمم المتحدة، فضلا عن قرار ما يسمى بالمجلس الأعلى باستقطاع نسبة محددة من أموال المانحين.

واستنكر وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبدالرقيب فتح ما وصفه بالابتزاز الممنهج من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية على المنظمات الإنسانية الأممية والفرق والبعثات الدولية العاملة في المناطق غير محررة، مؤكداً أن ما تقوم به هذه المليشيا تعد تصرفات ارهابية وتدخلاً سافراً في عمل المنظمات يقوض عملية التدخل الإنساني ويؤثر سلباً على الاسر الأشد فقرا، والتي تحتاج إلى تدخلات إنسانية مستمرة ومنتظمة. مشيرا إلى ان الاحتياج الإنساني يستدعي تظافر الجهود الدولية في تقديم المساعدات واستخدام الطرق والوسائل الآمنة في إيصالها والتي منها استخدام لا مركزية العمل الإغاثي.

وجدد فتح تأكيد الحكومة على تقديم المساندة للمنظمات المانحة لتنفيذ مشارعيها وبرامجها الإنسانية في اليمن وترحيبها بكافة الجهود في هذا الاتجاه.

وجاءت تصريحات الوزير بعد أن كشف عن نهب الحوثيين لأكثر من 63سفينة إغاثية في ميناء الحديدة وعدن، وكذا مصادرة أكثر من 223قافلة إغاثية.

نهب مستمر

مطلع الأسبوع المنصرم نشر وزير الاعلام معمر الإرياني سلسلة تغريدات عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) قال فيها: “أرسلت الحكومة امدادات طبية لمختلف المحافظات مقدمة من منظمة الصحة العالمية، غير أن مليشيا الحوثي نهبت تلك الإمدادات أثناء ما كانت في طريقها لمكاتب الصحة في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، لتوزعها على قيادتها وعناصرها وبيعها في السوق لصالح أنشطتها.

وطالب الوزير الجهات المانحة بإدانة هذه القرصنة الحوثية للإمدادات الطبية، والضغط على المليشيا الحوثية لإطلاقها، وإعادة توزيعها على المستشفيات.

وفي ذات الصدد كشف برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن تعرض مخازنه للنهب في محافظة حجة الواقعة تحت سيطرة المليشيا الحوثية وتم أخذ 127طناً من المساعدات الغذائية.

وبالتزامن مع هذه الانتهاكات وجه البرنامج اتهاماً صريحاً للحوثين بسرقة حصة 33%من مساعدات الفئات التي يدعمها برنامج الغذاء العالمي.

وعلى الرغم من كشف انتهاكات مليشيا الحوثي المتمردة للمساعدات الإنسانية، والاتهامات الموجهة لها من مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية اورسولا مولر، بنهب المساعدات ومنع تنفيذ نصف مشاريع المنظمات غير الحكومية العاملة في المجال الإنساني والتأثير على اختيار المستفيدين من تلك المساعدات والشركاء المنفذين وفرض شروط على المنظمات الإنسانية للعمل في ظروف تتناقض مع المبادئ الإنسانية إلا أن المليشيا لازالت مستمرة في انتهاكاتها وممارساتها.

فقدان الثقة

أنتجت عمليات العبث التي تمارسها المليشيا بحق المساعدات الإنسانية حالة من عدم الثقة وفقدان المصداقية بالمنظمات الدولية، وهو ما أكدته الناشطة الحقوقية وسام باسندوة في تصريح لـ”26سبتمبر” أوضحت فيه أن “هناك حالة عدم ثقة بين اليمنيين والمنظمات الدولية وحتى لدى بعض الدول المانحة فالولايات المتحدة على سبيل المثال أوقفت مساعداتها لليمن وصرحت أن السبب هو أنها غير متأكدة أن المساعدات تصل لمستحقيها”.

وترى باسندوة أن إيقاف الولايات المتحدة للمساعدات في اليمن تعد “إشارة واضحة على ثقتها بأن هذه المساعدات تصل لأيدي المليشيا”، وتضيف “وكمثال صارخ على ذلك ما انتشر من صورة سيارات إسعاف تم تقديمها من قبل منظمة الصحة العالمية ليتم استخدامها للعمليات الحربية من قبل مليشيا الحوثي وهذه ليست المرة الأولى فقد كشف تقرير سابق للاسوشيتيد برس عن تحقيقات أجرتها منظمة الصحة العالمية داخليا حول استخدام سيارات تابعة للمنظمة لتنقل عناصر المليشيا بهدف التضليل على عمليات القصف وكانت هذه العمليات تتم بالتواطؤ مع موظفي المنظمة بالإضافة إلى التلاعب بصفقات الدواء والمعدات الطبية، وأجرت منظمة الغداء العالمي تحقيقات داخلية حول تورط بعض موظفيها في الفساد، وقد استخدم الحوثيون هذه المعونات لبيعها في السوق السوداء باعتراف منظمة الغذاء العالمي”.

واختتمت باسندوة حديثها لـ”26سبتمبر” بالقول: “هناك حالة من عدم الشفافية في تعامل هذه المنظمات وجهل فاضح بأولوية احتياجات اليمنيين”.

إجراءات صارمة

يوسف نبيل ناشط متخصص في الشؤون الإنسانية يقول من جانبه لـ”26سبتمبر”: “ستظل منظمات الأمم المتحدة متهمة أمام جميع اليمنيين والمراقبين ما لم تقم بإجراءات صارمة للحد من انتهاكات المليشيا المرتكبة بحق المساعدات الإنسانية”.

وأشار نبيل إلى أن: “الإجراءات التعسفية التي تمارسها المليشيا مع هيئات الأمم المتحدة وطواقمها لا تبرر بأي حال الصمت عن تجاوزات المليشيا وعناصرها بهذا الخصوص لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، ولدى المجتمع الدولي آليات عديدة للضغط على المليشيا بما فيها اتخاذ إجراءات عقابية عليها وعلى عناصرها”. كما أكد أن “أموال المانحين يجب أن تذهب إلى مستحقيها الفعليين حتى يتم الإسهام في الحد من تفاقم الوضع الإنساني وتتحقق أثر هذه التدخلات تفاديا لكوارث إنسانية قد تستفحل ويصعب معالجتها”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى