سُكْر مغيّبي العقول

img
مقالات 0

أحمد ردمان

حينما تطلب من سكران أن يعقل حال سُكره، فإن ذلك من دواعي الغباء.. فكيف إذا كان السكران قد غيب عقله مسبقا؟!

إن المعركة القائمة لا يمثل طرفاها منطقتين أو جبلين أو موقعين حتى يحكم الأغبياء بنهايتها حين سقوط موقع أو منطقة.. إنها معركة بين فكرتين.. فكرة تحمل في طياتها استعباد الطرف الآخر، وفكرة أخرى ترفض الاستعباد وترى فيه ردة عن دينها وإنسانيتها.

فيا ترى هل سقوط منطقة يعني سقوط الفكرة  من أذهان المنسحبين منها؟!

لا شك أن الجواب لدى سكارى ” النصر الموهوم ” سيكون بالإثبات كون الخواء الفكري الذي اكتسبوه نتيجة لتغييبهم عقولهم وتسليمها لسيدهم هو الدافع لهم لهذا المنطق العقيم.

أما رجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية فإن عقولهم أنضج، ونفوسهم أعظم من أن تسكر بكسب جبل أو تنكسر بخسرانه، إذ أن أهدافهم تتجاوز المعايير التي تُسكر البلهاء.

إن منطق الحرب يقضي بانتصار صاحب القضية على من سواه وإن ظهرت في السير نتوءات عارضة, ولعل قائل يقول: إن الحوثي صاحب قضية الإمامة والاصطفاء، فهو يؤمن بها ويشن الحروب تحت ظلالها.. إلا أن الفرق بينه وبين مقاوميه أن مقاوميه كلهم أصحاب قضية العدالة والمساواة والجمهورية، بينما أتباعه لا قضية لهم ولا مشروع، إذ هم أدوات لمشروع ضال يعمل ضدهم بعد أن غيب عقولهم، ومن المحال أن ينتصر على مشروع الجمهورية الذي يستمد قوته من روح القيم، ويستند إلى رصيد النبض الشعبي الذي تجذر منذ الثورة السبتمبرية.

إن النظرة الثاقبة لطبيعة الصراع تتجاوز المناطق أو المواقع العسكرية – رغم أنها في صالح الجيش الوطني في هيلان وصرواح والبيضاء وغيرها – إلى تقييم أرضيتي الصراع التي تحتم انتصار ذوي المبادئ التي يرون في التنازل عنها موتا ذميما لا يمكن أن تستسيغه نفوسهم الأبية والتي تفضل الشهادة دون تلك المبادئ.. بينما الآخر ستضمحل نزواته الاستعلائية الكهنوتية بعد عدة محاولات لتحقيق الهزيمة النفسية لدى الطرف الآخر والتي ستتبخر على وقع حرارة ضربات الصمود القيمي المتسلح بقناعات أصحابه التي لا تقبل المساومة ولا ترضى بأقل من الانتصار.. وذاك ما نرى شواهده في آفاق الإعداد متعدد المجالات والذي يشير إلى التقدم دون توقف حتى رفع أعلام الجمهورية حيث يجب أن تُرفع.. وحينها سيصحو مغيبو العقول من سكرتهم على واقع جمهوري جديد.

مواضيع متعلقة

اترك رداً