معــركة المـصـير
الفريق الركن/ محمد علي المقدشي – وزير الدفاع
تخوض القيادة اليمنية معركتين متزامنتين: معركة في مواجهة التمرد الحوثي في مختلف الجبهات، ومعركة أخرى تتمثل في جهود إعادة بناء مؤسسة الوطن الدفاعية على أسسٍ وطنيةٍ وعلميةٍ صحيحةٍ، بعيداً عن المحسوبية والمناطقية والولاءات الضيقة.
ونحن نسعى إلى إعادة بناء المؤسسة العسكرية في ظروف استثنائية وزمن قياسي بعد أن سيطر المتمردون على مقدرات الوطن ومن بينها مقدرات القوات المسلحة.
فالمؤسسة العسكرية هي الرهان الضامن لاستكمال مواجهة مليشيا الحوثي وحماية مكتسبات الثورة والجمهورية، ومواجهة مشاريع العنف والتطرف والإرهاب، والتصدي لكل المخططات التخريبية التي تستهدف وحدة وهوية الوطن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه وعرقلة عملية الانتقال لبناء دولته ومستقبله.
نحن نعمل على استكمال خططنا في استعادة بناء القوات المسلحة لتكون هي الضمان الحقيقي لاستقرار الدولة واستعادة هيبتها والقضاء على أوكار التمرد والإرهاب، بحيث يكون الجيش اليمني قوياً موحداً متماسكاً، لا نهتم بالكم ولكن بالكيف، بحيث لا يكون مصدر تهديد للجيران الذين تم ترسيم الحدود معهم، وإنما يكون عاملاً مساعداً لاستقرار اليمن والمنطقة.
ولا يقتصر الأمر على حدودنا الداخلية؛ بل أن القوات المسلحة اليمنية تشكل ركناً أساسياً لاستعادة وتحقيق أمن واستقرار المنطقة، وصد المخططات المعادية للعرب والعروبة وإفشال المحاولات الرامية لزعزعة السلم الأهلي والعبث باستقرار المنطقة، وتهديد أمن خطوط الملاحة والمصالح الدولية.
ولقد دشنت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة عاماً تدريبياً جديداً لإعادة بناء قواتنا المسلحة، وتضمن البرنامج إنشاء معاهد وكليات عسكرية بما يتناسب مع اليمن الاتحادي الجديد، وقد بدأ التنفيذ من العاصمة المؤقتة عدن بافتتاح كلية عسكرية جديدة، وهذه الخطوات الملموسة تأتي في ظل تحديات كبيرة على الأرض، فنحن نقاتل المليشيا ونوسع انتصاراتنا ونثبت تقدمنا ونعمل بوتيرة عالية في تحسين وتطوير الأداء في مختلف الهيئات العامة والدوائر والمناطق والوحدات، بحيث يكون جيشاً يقاتل وجيشاً يتدرب.
وكما تعلمون، يتميز اليمن بمناطق صعبة التضاريس، وهذه الطبيعة الجغرافية الشاسعة قد زرعها العدو بعشرات الآلاف من الألغام الفردية ومضادات الدروع ولا يوجد سوى طريق واحدة معبدة في كل هذه المساحة، ومنذ انطلاق المعارك لم تهدأ الجبهة العسكرية يوماً واحداً، وكل يوم يتم فيه استنزاف للعدو الذي لا يجب أن ننسى أنه تمكن من نهب كل مقدرات الدولة اليمنية العسكرية التي ظلت الجمهورية تخزنها في معسكراتها طوال 58 عاماً، وأكثر هذا التخزين كان مركزياً في العاصمة صنعاء، إضافة إلى الدعم المالي العسكري واللوجيستي لقوى الإرهاب المحلية المتمثلة في المهربين الرئيسيين الذين كانوا وما زالوا يمدون المليشيا بالسلاح والعتاد عبر دول معروفة مثل إيران.
إن الخطر الحوثي الإيراني يهدد الجميع ولقد تجاوزت شروره حدود وجغرافيا اليمن ويتوجب علينا جميعاً تنسيق وتوحيد جميع الجهود.
ولا يقتصر الأمر على الجهود العسكرية، بل يتطلب الانتصار مضاعفة الجهود الإعلامية، وترشيد الخطاب وتوجيه الاهتمامات نحو المعركة الأساسية المتمثلة في إنهاء التمرد واستعادة الوطن، وعدم الالتفات إلى المعارك الجانبية، والانسياق وراء الدسائس والشائعات وحملات التشهير والتضليل التي تخدم العدو الانقلابي.
فالإعلام يلعب دوراً كبيراً في فضح المليشيا الحوثية المتمردة، وكشف جرائمها وانتهاكاتها، ونقل الحقائق للرأي العام والدولي، وإبراز البطولات والتضحيات والانتصارات العسكرية في مختلف الجبهات، رغم قلة الإمكانات والحرب الإجرامية التي تنتهجها المليشيا، والتحريض الممنهج الذي تجاهر به قياداتها ضد الإعلام الحر، وضد الشهود على جرائمها، مشدداً على ضرورة تكامل الجبهتين العسكرية والإعلامية.
والسلام مطلب رئيسي لكل اليمنيين، وهو ما يسعى إليه اليمنيون بقيادة فخامة الأخ المشير الركن/ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونحن نلتزم بتوجيهات القيادة السياسية، ونسعى نحو السلام والالتزام بالاتفاقيات والعهود الدولية، ولكن من خلال التجارب السابقة فإن الحوثيين لم يلتزموا بأي عهد أو اتفاق قطعوه سابقاً أو حالياً.
جهود أبطال القوات المسلحة اليمنية لاستعادة الشرعية وصد خطر العدوان الحوثي تتم بدعم من قوات التحالف العربي. هذا الجهد الذي عُمِّدَ بالدم ووقفتهم الشجاعة مع الشعب اليمني في معركة المصير الواحد والمصلحة المشتركة لصد الخطر الحوثي المدعوم من إيران والذي تجاوزت شروره حدود وجغرافيا البلاد.
وختاماً أود التأكيد على أننا عقدنا العزم على الصمود والتصميم نحو تحرير كل الأراضي اليمنية بالقوة وانتزاع النصر وهزيمة الإرهاب الميليشاوي الحوثي والعناصر الإرهابية الأخرى الرديفة له والمناصرين لهم.
ونحن ماضون نحو تحقيق كامل الأهداف والوفاء لدماء الشهداء والجرحى مهما كان الثمن، فليس أمامنا إلا أن ننتصر ونعيش بعزة وكرامة أو نموت وننال شرف الشهادة.
* نقلاً عن مجلة الجيش الأمريكي “يوني باث” الصادرة عن قيادة القوات المركزية.
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.