حاربت وجود الدولة وشلت حركتها  .. سوأة الإمارات المكشوفة في «اليمن»

img

سبتمبر نت/  تقرير – عمار زعبل

لا يفرق اليمنيون بين إرهاب الجماعات المسلحة، التي تفتك ببلادهم، فالحوثيون لا يختلفون كثيراً عن تنظيمي القاعدة وداعش، وأصبحوا في تقارب كبير- أي الحوثيين- مع إرهاب آخر صنعته الإمارات على نار هادئة في المحافظات الجنوبية، بدعمها وتشكيلها لمليشيا متنوعة، بل عملت على التخلص من شخصيات بارزة في المقاومة اليمنية للمشروع الإيراني منذ وقت مبكر، بقتلها لهم، لعل أبرزهم محافظ عدن الأسبق (جعفر محمد سعد) وقد تم اغتياله بأسلحة إماراتية، بعد أشهر قليلة من تحرير المدينة من مليشيا الحوثيين، أي: في أواخر العام 2015م.

وهو الاغتيال الذي حجبت عبر أذرعها أية تفاصيل عنه، أخفت اجراءات التحقيق، والمتهمين الرئيسيين، ليبقى دليلاً واضحاً على قبح الإرهاب، إنه سوأة الإمارات في اليمن، تدعمه الوثائق والصور والحقائق على الأرض، إذ استخدمت عناصر القاعدة، ضمن أجهزتها الأمنية والعسكرية في جنوب اليمن، فأحد قيادات “داعش” ظهر أكثر من مرة، برفقة مدير أمن عدن السابق شلال شائع، في صورة تؤكد أن التنظيم يعمل لصالح مليشيات الإمارات، الإرهابي يعد مسؤولاَ عن العمليات الإجرامية التي طالت خطباء مساجد وسياسيين في عدن.

ووفق خبراء بتنظيم ما يعرف بالقاعدة في شبه جزيرة العرب، أنه كان هناك اعتقاد بأن التنظيم عاش في السنوات الأخيرة بحالة هدوء ورضا غريبين، وكأنه حاول تجميد نفسه أو في حالة ترقب لما تؤول إليه الأحداث، لكن اتضح غير ذلك، كانوا أداة في يد الإمارات وما زالوا، تمسك بهم بقوة، تحركهم أنى شاءت، استخدمتهم في عمليات الاغتيال، كانوا اليد الغليظة، الخفية حيناً، والظاهرة في أحيان أخرى، فالرايات السوداء لم تخف نفسها حتى، إذ سمح لها أن تظهر قريبة من إعلام الإمارات التي حرصت أن تصل إلى كل المحافظات اليمنية جنوباً وشرقاً وغرباً.

الجزء الأكبر من المهمة

ويبرر مراقبون الأمر أن صفقة كبيرة قد تمت، تكفلت أبو ظبي بالجزء الأكبر من المهمة، حاربت أي وجود للدولة، شلت حركتها بمنع أي عودة لمؤسساتها بدءاً من مؤسسة الجيش، الذي يعد العدو الأول للتنظيمات الإرهابية، حتى المؤسسات الاقتصادية، إذ سيطرت الإمارات على الموانئ، التجارية والمصدرة للنفط، مانعة أي تصدير للنفط، وهو الإجراء الذي لم يحدث منذ بدء تصدير النفط في اليمن، لتحرم الاقتصاد الوطني، من مليارات الدولارات، بل مكنت الإرهابيين بالحصول على الأموال التي تدفقت إليهم أثناء اقتحامهم وسيطرتهم على عدد من المدن.

استثمار الإرهاب

وتؤكد الوقائع أن الإمارات استثمرت الإرهاب على حساب قضية اليمنيين، وسعيهم إلى إنهاء الانقلاب وتوقف معاناتهم، عملت فقط على تغيير مواقع وتبادل أدوار في الفترة الماضية، لتحقيق مصالحها، لتخرجهم الآن بصورة واضحة، لتستمر في تنفيذ مخططها الرامي لتقسيم اليمن، والاستئثار بثرواته..

انسجام واضح

وتشير تقارير دولية، إلى العلاقة الواضحة للإمارات مع تنظيمات الإرهاب في اليمن، وقد عملت على دعمها، لضمان سيطرتها على السواحل اليمنية وبأقل كلفة، اصطنعت حروبا على وسائل الإعلام، على الرغم من علاقة التماهي مع القاعدة وداعش، عن طريق دعم قيادات مدرجة بقوائم الإرهاب، كهاني بن بريك، الذي يشغل منصباً مهماً في المجلس الانتقالي التابع لها، وعادل عبده فارع المعروف بأبي العباس، في محافظة تعز، والذي يتحكم بكتائب عسكرية، مدججة بالسلاح المتطور، أصبحت أكثر ما يعترض المسألة الأمنية في المحافظة التي ما تزال تعيش حصاراً من ثلاث اتجاهات من قبل مليشيا الحوثيين، بينما يوجد فيها منفذ وحيد إلى العاصمة المؤقتة عدن، يتم إغلاقه، بصورة متكررة، من قبل هذه الكتائب، التي بقيت محل جدل أوساط اليمنيين، منذ ظهورها حتى اللحظة.

استمرار الدعم

ويبدو التناقض الإماراتي في اليمن واضحاً، باستخدامها لسياسة “إظهارها غير ما تبطن”، إذ واصلت أبوظبي دعمها المعلن لأبو العباس، على الرغم من إعلان دول عدة، منها الإمارات نفسها إلى جانب وزارة الخزانة الأمريكية إدراج اسم أبو العباس في قوائم الإرهاب الدولية، ليستمر الدعم للكتائب حتى بعد أحداث أمنية، سقط خلالها مدنيون، شهدتها أحياء مدينة تعز في الربع الأول من العام الحالي، ليعمل محور تعز على حل الكتائب، وإدراج المنشقين على أبو العباس في كتيبة للدعم والإسناد لتتبع مباشرة المحور، مع تعيين قائد جديد لها، ليلاقي القرار اعتراضاَ تسبب بقطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى تعز عبر نقطة البيرين، وهو ما اعتبره أبناء تعز دليلاً واضحاً لسيناريو العنف الإماراتي المستمر على محافظتهم، عبر “أبو العباس”.

بن بريك.. عصا غليظة

ويستشهد مهتمون بهاني بن بريك، يعدونه عصا الإمارات في اليمن، كونه متهماً رئيسياً من قبل السلطات الأمنية، في عدن عبر النيابة العامة، بالتخطيط لعمليات اغتيال بلغت أكثر من 120 شخصاً، لأسباب سياسية بينهم شخصيات اجتماعية وخطباء وضباط موالون للسلطة الشرعية في عدن ومدن أخرى، وفقا لمنظمة سام للحقوق والحريات التي مقرها جنيف.

خبير المتفجرات

وقال المحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي، عبر قناة تلفزيونية محلية: إن هاني بن بريك هو قائد فصيل في أنصار الشريعة، وتنظيم “أنصار الشريعة” هو تكتل من الفصائل والتنظيمات من بينها تنظيم القاعدة، وينشط بشكل أكبر في جنوب اليمن، وهو ما أشارت إليه قناة الحرة، في وقت سابق، إذ أرجعت انضمام بن بريك للقاعدة في وقت مبكر، وأنه سجن بسبب أنه كان خبير متفجرات.

شراء الولاءات

ويظهر الاستثمار الإماراتي للإرهاب التي ادعت محاربته منذ 2016 في محافظات أبين وشبوة وحضرموت باعتمادها على تشكيلاتها المحلية، القليلة الخبرة والتدريب، واعتمدت أكثر على شراء الولاءات، فمن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية قلصت دورها في القتال ضد القاعدة في جزيرة العرب في شبوة على وجه التحديد، وهو ما يفتح الباب للتساؤلات عن استراتيجية الإمارات، الذي لم يكن انتصارها حقيقياً، إنما عملت على بقاء الإرهاب، وجعله كامنا ليأتي دوره، حين تتأت المطالبات بتركها اليمن، وهو ما حصل مؤخراً فأرادت استثمار ورقتها المكشوفة.

نتيجة غير متوقعة لشركاء الإمارات

وفي تقرير أمريكي صدر مؤخراً تعليقاً على الأحداث الأخيرة في عدن، نقرأ خيبة الأمل الأمريكي، بشريكتها في محاربة الإرهاب الإمارات، إذ توضحت الصورة عن استراتيجية أخرى، ربما لم تردها واشنطن، إذ قال التقرير: “سيؤدي الصراع في جنوب اليمن إلى تشتيت القوات التي تقاتل ضد حركة الحوثيين، مما يتيح لهم فرصة لتوسيع نفوذهم وتعزيزه في شمال ووسط اليمن”، واعتبرت تصرف الإمارات بخدمة مجانية للحوثيين “مثل هذه الخطوة ستجعل حركة الحوثيين في الحديدة، في وضع أفضل لمهاجمة الملاحـة الدولية حول مضيق باب المندب”.

توسيع الحرب

وأوضح التقرير الصادر عن مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد “اميركان انتربرايز” بأن المجموعات الانفصالية المدعومة إماراتياً، ستهيء الظروف لتوسيع الحرب الأهلية في اليمن، والتي من شأنها أن تعزز من نفوذ القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بالإضافة لتقوية حركة الحوثي التي تدعمها إيران.

جرائم بذريعة القاعدة

ويتهم ناشطون في محافظة شبوة الإمارات قتلها لمدنيين، في المحافظة، باستخدامها الطائرات بدون طيار، للتخلص من مناوئين لها، إذ قتل 12 مدنياً، ممن لا يُعتبرون من عملاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذين قتلوا في مثل هذه العمليات في عام 2017 وحده، بل مكافحة الإرهاب لنشر قواتها في المناطق النفطية، والقريبة من ميناء بلحاف النفطي، والذي ظلت تتحكم به، حتى إخراجها منها، وتسلم الجيش الوطني الميناء في نهاية أغسطس الماضي.

معركة المكلا

الإمارات مع القاعدة، علاقة لا تحتاج إلى كثير من الذكاء لمعرفتها، ففي حضرموت وعاصمتها المكلا، التي سيطرت عليها القاعدة في أبريل 2015م، وظلت تحكمها عاماً كاملاً، تفاجأ سكانها بخروجهم بعد قتال بسيط، استعادت الإمارات بنجاح المكلا في غضون أيام قليلة، بأقل قدر من القتال، مما أثار جدالًا حول إمكانية التوصل إلى ترتيب تفاوضي بين الإمارات والمقاتلين، على الرغم من أن أبو ظبي حينها نفت ذلك بشدة، الخروج المفاجئ وصفته تقارير دولية بالصفقة المشبوهة بين الإمارات والتنظيم، وفي تقرير أجرته وكالة “أنباء أسوشتيدبرس” أشار إلى أن القاعدة سُمح لها بممر آمن واحتفاظ المقاتلين بسلاحهم و100 مليون دولار نهبت من البنك الرئيسي في المدينة، واستند التقرير إلى شهادات رجال قبائل وجنود ومسؤولين أمنيين.

هذا ما حصل..!

لم يخض الإماراتيون أي مواجهة مع القاعدة، بل إن قواتهم قاتلت جنباً إلى جنب التنظيم في أكثر من مكان، وهذا ما بدأت تتكشّف فصوله مع الوقت، فمنظمة العفو الدولية أكدت في بيان أن القوات الإماراتية تحصل على أسلحة بمليارات الدولارات من دول غربية ودول أخرى، لتقوم بنقلها إلى فصائل في اليمن لا تخضع للمساءلة، ومعروفة بارتكاب جرائم حرب، وهو البيان الذي يؤكد تقارير أخرى تتحدث عن الاتفاقات السرية مع تنظيم القاعدة، تقوم على دفع الإمارات أموالاً للتنظيم مقابل انسحاب مقاتليه من بعض المناطق في البلاد، أو تنفيذه لعمليات لصالحها.

مواضيع متعلقة

اترك رداً