“الاسوشيتد برس”: مليشيا الحوثي ترتكب أبشع الجرائم بحق اليمنيين في سجونها السرية

img

ترجمة خاصة بـ “سبتمبر نت”- عبدالمجيد أحمد

كشفت وكالة «أسوشييتد» برس عن انتهاكات مروعة يتعرض لها النزلاء في السجون الواقعة تحت سيطرة المليشيا في اليمن.

يعمل فاروق كمساعد طبيب في مستشفى بمحافظة الحديدة وفي ذات يوم واثناء تأدية عمله وصل إلى غرفة الطوارئ رجل مضرجاً بالدم مصاباً بأعيرة نارية وعليه علامات تعذيب توحي بتعرضه للجلد والتعليق لعدة أيام.

كان هذا المصاب هو»منير الشراقي» وقد عثر عليه وهو مرمي على قارعة الطريق السريع من قبل ميلشيات الحوثي بعد احتجازه في سجن يقع تحت مناطق سيطرتها شمال البلاد.

حاول فاروق التخفيف من ألم منير فأمضى ساعات مضنية وهو يحاول استخراج الرصاصات من جسده وعلاج امعائه التي تمزقت جراء التعذيب والتعليق وبعد 80 يوما من العناية والمجارحة بدأ المصاب يسترد عافيته، وفي النهاية التقط هذا المصاب صورة شخصية»سيلفي» واحتفظ بها في جهازه وفاء منه لطبيبه الذي ساعده في اشد لحظات حياته قتامة.

بعد أسابيع، عاودت المليشيا القاء القبض على «منير» وقامت بتفتيش هاتفه فوجدت صورة الطبيب «فاروق» فما كان منهم إلا ان قاموا باقتحام المستشفى الذي يعمل فيه واعتقاله و تم الرمي به في شاحنة صغيرة وهو معصوب العينين بحجة تقديم مساعدة طبية لأحد اعدائهم، وأخبروه أنت الآن اصبحت عدوا لنا أيضًا.

اعتقل فاروق في منتصف العام 2016، وأمضى 18 شهراً في السجن، وفي تلك الفترة تعرَّض للحرق والضرب وعُلّق في السقف من معصميه لمدة 50 يوماً حتى ظنوا أنه مات.

 

غيض من فيض

كل هذا ليس سوى غيض من فيض من الوحشية التي يمارسها الحوثيون ضد المعتقلين في سجونهم حيث كشف التقرير الذي اجرته الوكالة ان سجون المليشيا تكتظ بآلاف المعتقلين ممن تم اعتقالهم قبل اربع سنوات وأن هؤلاء المعتقلين يتعرضون للضرب المبرح على وجوههم بواسطة هراوات ويتم تعليقهم من معاصمهم بالسلاسل مرة كل اسبوع وايضا يتم تعليقهم من اعضائهم التناسلية والبعض منهم يتم تعذيبه وحرقه بحمض الأسيد.

يعتبر الدكتور فاروق ومريضه «منير الشراقي» من بين الآف اليمنيين الذين اعتقلتهم المليشيا منذ انقلابها على الحكومة الشرعية حيث تحدثت الوكالة مع 23 شخصًا قالوا إنهم تعرَّضوا للعنف وبعضهم شهدوا التعذيب في سجون الحوثيين، كما تحدثت الوكالة ايضا إلى 8 اشخاص من أقارب المعتقلين من بينهم 5 محامين ونشطاء حقوقيين و 3 ضباط كانوا من ضمن لجان تبادل السجناء وجميعهم اكدوا إنهم رأوا آثار التعذيب الوحشية على السجناء.

بعد كل هذا الألم والمعاناة من الجلد والصعق الكهربائي «الدزدزة» بحق فاروق تم الإفراج عنه بعد ان دفعت اسرته اربعة مليون ريال اي ما يعادل 8 الآف دولار.

يؤكد هذا التحقيق وغيره على ضرورة إنجاز اتفاق تبادل السجناء الذي ترعاه الأمم المتحدة بين المليشيا الحوثية والحكومة الشرعية ضمن محادثات السويد.

 

أمهات المختطفين

إلى ذلك وثقت رابطة «أمهات المختطفين» وهي منظمة مدنية تضم امهات واقارب المختطفين والمعتقلين في سجون المليشيا، أكثر من 18 ألف حالة احتجاز قامت بها المليشيا خلال الأربع السنوات الأخيرة، تضمنت ألف حالة تعذيب في شبكة من السجون السرية التي تديرها.

ووثقت الرابطة ايضا وفاة 126 سجيناً على الأقل بسبب التعذيب الوحشي ابان سيطرة المليشيا على العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014.

ووفقا لشهادات الضحايا ووكالات حقوق الإنسان فإن سجون المليشيا لم تعد كافية نظرا لتزايد اعداد المعتقلين فأصبحت المساجد والقلاع الأثرية والنوادي الرياضية والمباني المدنية بمثابة سجون أولية يتم فيها احتجاز المعتقلين وبعد ذلك يتم نقلهم إلى السجون الرسمية، حيث رصدت رابطة أمهات المختطفين 30 سجنا اوليا «مواقع سوداء» استحدثته المليشيا الحوثية في صنعاء وحدها.

لمرات عديدة حاولت الوكالة التواصل مع قيادات حوثية للتعليق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سجونهم وقوبلت بالرفض ووصل الحد بقيادة المليشيا الى نفي اي تعذيب لأي معتقل في سجونهم.

 

منظمة العفو

منير الشراقي وفاروق نموذجان يعرضان معاناة المعتقلين في سجون المليشيا حيث وصفت منظمة العفو الدولية هذه الانتهاكات بالفظيعة والمرعبة.

أحد السجناء السابقين ممن فروا بعد الافراج عنهم الى محافظة مأرب تحدث إلى وكالة الأسوشييتد برس وطلب عدم ذكر اسمه لأنه يخشى على سلامة أفراد عائلته «انا اعمل مدرسا في شمال مدينة ذمار احتُجزت لمدة أربعة أشهر و 22 يوماً في زنزانة تحت الأرض، ظللت معصوب العينين طوال الوقت، كنت أعد ايام سجني عن طريق الأذان بالمسجد الذي بجوار السجن تعرضت للضرب بقبضات حديدية وكان جلادي يقول لي «جهز وصيتك».

يحاول الحوثيون ترسيخ حكمهم عبر اتخاذ إجراءات مرعبة وصارمة ضد خصومهم لاسيما الناشطين من فئة الشباب وايضا كل من يختلف معهم فكريا او يعارض فكرتهم السلالية القائمة على الاصطفاء وادعاء الحق الإلهي.

 

دموع من دم

حصلت الوكالة على تقرير سري مصور تضمن اعترافات مذهلة لشخصيات وقيادات حوثية بارزة بشأن الانتهاكات في سجون المليشيا حيث وصف أحدهم أن تعذيب المعتقلين يجعلك تبكي دماً.

يقول الكثير من السجناء الذين تم اعتقالهم ان الأشهر الأولى من السجن هي الأسوء حيث يكثر فيها التعذيب بأنواعه.

 

مأساة اخرى عنوانها»ساعدوني»

أنس الصراري 26 عام، تم اختطافه من العاصمة صنعاء في شهر سبتمبر 2015 وتم ايداعه في سجن الأمن السياسي بحدة وظل معلقا لمدة 23 يوما كاملة بإستثناء ساعتين يوميا يتم فيها انزاله وفك قيوده وايضا ليأكل كسرات من الخبز اليابس وحبات من الأرز الذي لا يخلو من الحشرات.

يقول أنس «تمنيت الموت مرات عديدة لم اعد استطع تحمل مزيدا من العذاب والجوع والقهر لقد أغمي عليا مرات عديدة لقد استاءت حالتي الصحية وظهرت علامات الضعف والمرض الشديدة على جسدي ترجيت مرات عديدة ان يتم منحي طعام نظيف وبعد كل هذا الاستجداء  تم السماح لي بتناول زبادي وعرفت فترة احتجازي من تاريخ الصلاحية المدون على العلبة.

وأضاف لم تكن امي او ابي يعرفون شيئا عني وهل انا حي او ميت فكان هذا اشد وقعا على نفسي فأنا اكتوي بنار العذاب والجلد واهلي يكتوون بنار الهم والحزن والحيرة والعجز.

أصيب أنس بالشلل ولم يعد يقوى على الحركة فكان يقضي حاجته في مكانه وهو عاجز عن الحركة والاعتناء بنفسه تماما كما هو الطفل الرضيع.

أفرجت المليشيا عن أنس بعد ان اصبح مشلولا وذلك لرسالة مفادها ان هذا المصير ينتظر كل من يفكر بإنتقاد الحوثيين او يعارضهم.

قدم أنس سجلاته الطبية لأسوشييتد برس وهو الان مقعد ولا يتحرك الا بعجلات.

وأخيرا هناك الكثير من الحالات والقصص المأسوية والتفاصيل الدقيقة عن تعذيب المعتقلين في سجون المليشيا الحوثية سنتحدث عنهم بالتفصيل في أعداد قادمة.

مواضيع متعلقة

اترك رداً