ماذا يخطط الحوثي بالحديدة بعد نجاح معركة المطار؟

img
مقالات 0

 

بقلم/ د. منصور عبدالله القدسي*

 

عصابة الحوثي بعد فشلت في معركة تحرير المطار وفشل خطتها العسكرية باستدراج قوات الجيش الوطني والمقاومة لتخوم المطار ومن ثم مهاجمتها عبر قواتها المرابطة بالدريهمي من الخلف، ومن الامام قواتها المدافعة ، وذاك يفسر اخذ المعركة وقتا اطول ، وبعد فشل خطة المليشيا وتقهقر قواتها نظرا لافتقارها للسلاح الحديث والخبرة الكافية ،اضطرت الي سلاح ناعم لمجابهة تداعيات ذلك الفشل الذريع ، حيث انفقت عشرات الملايين من الريالات لحشد ابناء المناطق الريفية في تهامة للمدينة لعمل استعراض بما تسميه مسيرة النصر للحديدة ، لإيصال رسالة للمجتمع الدولي ان مدينة الحديدة لا تزال تكتظ بالمدنيين الموالين لها وانهم  في خطر ، لمساعدة داعميها الاقليميين بالضغط اكثر لوقف تقدم القوات قوات الجيش الوطني والمقاومة ، واللافت تفرغ مشرفيها بالمديريات لهذه المهمة ونزولهم الميداني وتهديدهم الوجهاء وعقال الاحياء واصحاب السيارات ، بضرورة الحشد وصرفو لكل منهم جزء من تكاليف الحشد والتعهد بتسليمهم بقية التكاليف عند الحضور مع اخذ تعهد خطي منهم بالحضور والحشد مالم فمصيرهم الحبس او القتل ، بحسب افادة كثير منهم وتأكيدهم ان مشرفي الحوثي رفضوا تسليمهم بقية المخصصات بعد انتهاء المسيرة وتسببوا بحرج لهم مع سائقي وسائل النقل.

 

قادة المليشيا بصنعاء ابدو ايضا انزعاجهم من مغادرة عشرات الالاف من نازحي مدينة الحديدة الى صنعاء ، وصبوا جام غضبهم نحو مشرفي المليشيا بالمحافظة بسبب سماحهم بذلك ، لأنه يخالف الخطة الحربية بالتخندق وسط الاحياء السكنية واستخدام المدنيين كدروع بشرية لوقف تقدم القوات قوات الجيش والمقاومة وتحميلها مسئولية سقوطهم ، فاضطروا لتوجيه ابواقهم بالحديدة عقب تصاعد موجة النزوح، بمطالبة سكان المدينة بالتزام بيوتهم وعدم النزوح ، لكي يكونوا وقودا لجريمة الحرب التي تخطط لها قيادة المليشيا ، كما اعتقلت عدد من الناشطين الاعلاميين بالمدينة بسبب تغطيتهم موجة النزوح ، وبأسلوب رخيص وجهت مشرفيها بصنعاء بعرقلة استقبال نازحي الحديدة ومعاقبتهم بأخذ اتاوات من الفنادق والمؤجرين ومطالبتهم برفع اجور الاقامة وعدم استقبالهم ،  كما هدت ممثلي بعض المنظمات بوقف اي عون لنازحي الحديدة ، عقابا على نزوحهم من مدينة الحديدة ، دون مراعاة لحالتهم الانسانية وتوجسهم الذي بلغ مداه بعد شعورهم بالخطر نتيجة تمترس افراد المليشيا في سطوح مساكنهم وعمل متارس وخنادق بالشوارع  ادت لقطع المياه عنهم استعدادا لخوض حرب شوارع والتضحية بهم ، اما كدروع بشرية او استهدافهم مباشرة من دبابتها ومدافعها بشارع التسعين والخمسين( وما حدث من سقوط قذائف علي حي السلخانة وغيرها من الاحياء وتسبب بمقتل مدنيين ليس ببعيد ) متوهمة انها بهذا الغباء تستطيع تقنع العالم الذي يراقب جرمها عبر الاقمار الصناعية ان القوات قوات الجيش الوطني والتحالف العربي استهدفت المدنيين لإثارة المجتمع الدولي بالتنسيق مع اطراف اقليمية داعمة لها للحيلولة دون تحرير الحديدة.

 

المسيرة التي نظمتها مليشيا الحوثي تهدف من خلالها الى تحقيق شيئين على المستوي الخارجي الاول/ التظاهر الكاذب ان ابناء تهامة الذين يعانون المرارات كلها  بسبب صلفها وجورها بحقهم مستعدين للقتال معها ، والثاني ان المدينة لاتزال مكتظة بالمدنيين بهدف ابتزاز المجتمع الدولي لممارسة الضغط على قيادتي الحكومة والتحالف العربي بوقف اي تقدم حفاظا علي ارواح المدنيين . اما علي المستوي الداخلي ، فالمسيرة تهدف لخدمة للمليشيا ذاتها  لرفع معنويات افرادها المنهارة بعد الخسائر الفادحة بجبهات الساحل والتقدم الملحوظ والنوعي لقوات الجيش الوطني والمقاومة بعد تحرير المطار وتأهبها لعملية خاطفة تباغت فيها قواتها المتمركزة  في تخوم الميناء .

 

نجحت المليشيا في عمل هدنة علما يبدو بوقف التقدم لما بعد المطار ، وهذه المسيرة لتعزيز ذلك ، وربما تراوغ المليشيا اكثر لكي تستعيد انفاسها وتخفف من خسائرها المهولة ، وتعاود تموضعها استعدادا لمعركة حرب الشوارع التي تخطط لها في مواجهة قوات الجيش دون دراية ان تلك الخطط اضحت مكشوفة وان هناك فرق مدربة لمواجهة هذا النوع من الحروب، وحتما ستخسر المليشيا المعركة وما حدث بقرية المنظر والاحياء المجاورة للمطار مؤشر على ذلك ،

 

لا يستبعد ان تقوم المليشيا بالانتقام ممن تبقي من ساكني المدينة بسبب عجزها عن ترويضهم لفكرها الدخيل  ، وما يدلل على ذلك طبيعة الحرب النفسية والاشاعات المثيرة التي تروج لها لإثارة ساكني المدينة بالدفاع عن الارض والعرض مما تسمية الغزاة والغاصبين لإجبارهم على التماهي مع مشروع القتل الذي تمارسه بحق اليمنيين ، حيث جيشت باليومين الماضيين كتايب دعائية تجوب شوارع المدينة تطالب الساكنين بضرورة الزج بأطفالهم بالمعركة دفاعا عن عرضهم الذي سيتم اغتصابه في حال تمكنت القوات الشرعية من دخول المدينة وتتوعد من يرفض ذلك  بالاعتقال او القتل ، وتحرض ضده انه ديوث ويقبل علي عرضه الاغتصاب وغيرها من اقبح الصفات التي لا تمت لقواميس الحرب النفسية بصلة ،  وتنم عن افلاس وسقوط وانهيار معنوي غير مسبوق تعيشه المليشيا ومقدمة لانهيار وشيك لها داخل المدينة .

 

ما يثير التوجس حقا ، ان الاسر الفقيرة التي حالت ظروفها المعيشية والمادية دون القدرة علي النزوح ،هي من ستدفع الثمن  من هكذا جريمة حرب تخطط لها المليشيا ، ومطلوب من قيادة الحكومة الشرعية باعتبارها مسئولة عن مواطنيها بالتنسيق مع دول التحالف بضرورة مخاطبة المجتمع الدولي بإجلاء هذه الاسر الفقيرة وابداء استعدادها وقدرتها على ايوائهم وتوفير كافة متطلبات اقامتهم ، ومطالبته بإدراج جماعة الحوثي كجماعة ارهابية لا تقل خطر وتوحش عن جماعة داعش ، وتتهم المليشيا بالحديدة باستنساخ سلوك داعش في حلب والموصل، مع توعد قادتها وافراد المليشيا ان جريمتهم لم ولن تمر دون عقاب واتخاذ إجراءات قانونية كفيلة بمحاكمتهم كمجرمي حرب وتشكيل فريق رصد ومراقبة كل جرائمهم  بحق المدنيين .

 

* استاذ الاعلام بجامعتي الحديدة وتعز .

مواضيع متعلقة

اترك رداً