هزائم الميدان تربك المليشيا وتصيبها بحالة من التخبط والانهيار

img

تقرير – محمد التميمي – “سبتمبر نت”

التقدمات النوعية والمتسارعة التي أحرزتها قوات الجيش الوطني مؤخراً في مختلف الجبهات وخصوصاً في جبهة الساحل الغربي، أحدثت إرباكاً وتخبطاً واضحاً وغير مسبوق في صفوف مليشيا الحوثي الانقلابية، وبدا ذلك واضحا في الخطاب الإعلامي لوسائل إعلامها كاشفا عن الحالة الانهزامية التي وصلت إليها.

خسرت المليشيا مناطق مهمة في الساحل الغربي خلال العمليات العسكرية المكثفة التي نفذتها قوات الجيش الوطني هناك، والتي باتت على أبواب مدينة الحديدة، ثاني أهم المدن التي لا تزال تحت سيطرة المليشيا، وخسارتها تعني عزل الجماعة كلياً عن العالم.

تعيش المليشيا مرحلة من الاهتراء الداخلي وحالة من القلق والتوجس، بعد التطورات المربكة التي أحدثتها قوات الجيش الوطني، ما تسبب في إحداث إرباكاً كبيرا تعرضت له المليشيا، وعمَّ كل صفوفها، ففي صفها الأول خسرت المليشيا عدداً من قياداتها من بينه رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي للانقلاب ولحقه رئيس ما تسمى بهيئة الأركان، وكذا فقدانها للعديد من قيادتها الميدانية من الصف الثاني والثالث، ناهيك عن عناصرها التي تزج بهم إلى المحارق بشكل يومي معظمهم من الأطفال والمغرر بهم، وهذا ما انعكس بشكل واضح على خطابهم الإعلامي في وسائلهم المختلفة.

خلال الأيام القليلة الماضية هددت مليشيا الحوثي الانقلابية مشرفيها في العاصمة صنعاء، ونشرت أسماءهم في عدد من وسائلها الإعلامية، وسط حالة من التخبط والذعر اللذين تعيشهما المليشيا جراء الهزائم التي تلقتها في جبهات القتال.

وجاءت تهديدات جماعة الحوثي لمشرفيها، بعد تراجع مقاتليها في معظم الجبهات وخاصة في الساحل الغربي الذي يمثل الشريان الوحيد لتهريب الأسلحة إليها. ونشرها أخباراً في وسائلها الإعلامية، تفيد بإلقاء القبض على خلايا استخباراتية في صنعاء، تقوم برصد منازل وأسماء قيادات المليشيا في حي الجراف وشعوب ومناطق أخرى في العاصمة صنعاء.

ويرى مراقبون أن الأخبار المفبركة عن الخلايا الاستخباراتية الوهمية، ليست سوى ذريعة للمليشيا، لتنشر أسماء مشرفيها وقياداتها في صنعاء كنوع من الضغط عليهم، حيث تضمنت الأسماء التي نشرتها المليشيا موالون لها وليس مشرفيها فقط، وآخرون تحاول المليشيا الضغط عليهم ليشاركوها في حشد مقاتلين إلى جبهات القتال المختلفة التي تعاني فيها من انهيارات كبيرة.

وطلبت المليشيا من الأسماء التي نشرتها وسائل إعلامها وناشطيها، المشاركة في حشد مقاتلين إلى الجبهات أو التوجه بأنفسهم إلى جبهات القتال، فيما يرى مشرفو المليشيا في صنعاء بأن مهامهم مقتصرة على إرسال الأطفال والمراهقين الذين يستقطبوهم إلى جبهات القتال فقط.

وأكدت مصادر مطلعة لـ “سبتمبرنت” أن زعيم المليشيا أصدر تعميما عاجلا نصّ على الدفع بالمشرفين إلى جبهات القتال، وذلك بعد أن عجزوا عن الحشد لجبهة الساحل الغربي التي تكبدوا فيها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وخلال فترة وجيزة.

وأوضحت المصادر أن التعميم قضى بأن يلتحق المشرفين المتواجدين في صنعاء وغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيا، والذين لم يسبق لهم المشاركة في عمليات عسكرية بجبهة الساحل الغربي، ومن يرفض وجه زعيم الجماعة باعتقاله.

وبالتزامن مع ذلك، نشرت وكالة إخبارية تابعة للمليشيا، خبراً قالت فيه “إن المحكمة الجزائية المتخصصة بالعاصمة صنعاء، أصدرت مؤخرا حكماً بإعدام 7 مشرفين حوثيين، بتهم متعددة منها “الخيانة الوطنية”.

ويأتي هذا الإجراء في سياق عملية الترهيب التي تمارسها الجماعة على مشرفيها لدفعهم لحشد المقاتلين للجبهات، لمواجهة الانهيارات المتوالية التي تشهدها جبهات الساحل والوسط والشمال أيضاً.

وتشير كل هذه المعطيات إلى أن الجماعة باتت تعاني من مأزق حقيقي، وأنها مقبلة على مرحلة الصراع الداخلي، بالتزامن مع الهزائم التي تتعرض لها في مختلف الجبهات.

ولجأت المليشيا لاستخدام التضليل الاعلامي ، حيث نشرت وسائلها الإعلامية سلسلة من التصريحات لقيادات من المليشيا  مصحوبة بأخبار عن انتصارات كاذبة في الساحل الغربي، لرفع معنويات عناصرها ومناصريها بعد الانهيارات المريعة التي تعرضت لها .

ويرى مراقبون أن المليشيا لجأت إلى الاكاذيب والشحن الاعلامي في محاولة لرفع معنويات مقاتليها, وحثهم على التوجه إلى الساحل الغربي بعد أن قوبلت حملات الحشد التي تنظمها لرفد الجبهات في الحديدة برفض واسع , وشمل الرفض قيادات ومشرفين محسوبين عليها.

تحاول المليشيا إقناع من فقدوا أملهم فيها من الموالين لها وكذا الخاضعين لسيطرتها بشتى طرق المراوغة والخداع الكاذب، فقد نشرت يوم الخميس الماضي عبر قناة المسيرة التابعة لها صورا لمدرعات إماراتية قالت أنها اغتنمتها في محافظة الحديدة، والصور التي عرضتها هي ذاتها التي عرضتها في ميدان السبعين قبل عام من الآن، وهذا ما يكشف الحالة الانهزامية التي تمر بها المليشيا التي فقدت مصداقيتها لدى عموم الشعب بمن فيهم الموالين لها.

كما أن الفساد والانتهازية اللذين تمارسهما المليشيا بمنح المناصب بغطاء سلالي، جعل معظم مناصري المليشيا يتخوفون من مصيرهم مع استمرار تلك الممارسات، مما دفعهم لرفع أصواتهم ضد المليشيا في صفها الأول، بحسب ما تحدثت وسائل إعلامية مختلفة، عزت الحالة التي تعيشها المليشيا إلى هزائمها الميدانية.

لم تدع المليشيا سببا الى واستخدمته في محاولات يائسة لتلافي حالة الانهيار التي تعيشها حيث لجأت قيادة مليشيا الحوثي إلى الخطاب الديني المضلل لمواجهة تزايد عمليات هروب مسلحيها من جبهات المواجهة في الساحل الغربي لليمن، وعثرت قوات الجيش الوطني على مطويات دينية، تجرّم الفرار من الزحف، خلفتها المليشيا قبل فرارها من مواقعها على مشارف مدينة الحديدة.

وتتضمن المطويات الورقية فتاوى دينية حوثية، وصفها مطلعون بـ”التظليلية والكاذبة”، حيث تقول قيادة المليشيا لأتباعها في إحداها: “فرارك من الزحف جريمة وراءها جهنم!”.

ويرى مراقبون أن هذا الأسلوب المخادع، ليس سوى محاولة بائسة لمنع هروب عناصر المليشيا، على وقع التقدم الميداني المستمر لقوات الجيش الوطني المسنودة من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، باتجاه مدينة الحديدة، بعد استنفادها كل وسائل التهديد والإغراء للتضحية بهم في محرقة الموت، خدمة لمشروعها الاجرامي.

وبالرغم من أن المليشيا حشدت الجزء الأكبر من قوتها إلى الحديدة، إلا أن المئات من العناصر التي تستقدمها لتعزيز جبهاتها المتهالكة في الساحل الغربي، تفر من ساحة المواجهة بعد ساعات من وصولها.

وتلجأ المليشيا إلى تكثيف الخطاب الطائفي وحشد معمميها الذين تدربوا على يد ايرانيين ولبنانيين من حزب الله لإلقاء الفتاوى على عناصرها في جبهات الساحل الغربي، من أجل حضهم على الاستماتة في القتال وإقناعهم بأن الانسحاب أو الهرب من المعارك يعد خروجًا عن الدين، وذلك على وقع حالة الهلع المستمرة في صنعاء والمحافظات الخاضعة لها، بسبب الانحسار المتواصل لنفوذها الجغرافي.

وفي الوقت الذي استمرت فيه حملات الاعتقال في أوساط الناشطين والرافضين للوجود الحوثي الانقلابي، صعّدت الميليشيات من تحركاتها الميدانية لدى زعماء القبائل في صنعاء وعمران وذمار وحجة، لإجبارهم على الزج بأتباعهم نحو المعارك المشتعلة في الساحل الغربي وعلى أبواب الحديدة؛ تنفيذاً لأوامر زعيمها الحوثي.

وأفادت مصادر محلية في صنعاء بأن الجماعة الحوثية حشدت العشرات من معمميها الطائفيين، خلال الأيام الماضية نحو الساحل الغربي، من أجل إلقاء الفتاوى على عناصر الجماعة وحضهم على الثبات وعدم الانهيار، وتحذيرهم من العقوبة الإلهية في حال قرروا الانسحاب أو الفرار.

ويرجّح مراقبون أن هذا الإجراء بخصوص توظيف الخطاب الديني الطائفي، هدفه الحد من حالات الفرار الجماعي في أوساط المجندين ممن دفعت بهم المليشيا إلى جبهات القتال بعد أن أغرتهم بالمال ووعدتهم بالانتصار المحتوم. وهو ما يعكس حالة الوهن الذي وصلت اليه والتفكك الذي اصاب صفوفها.

كما استمرت الجماعة الحوثية في إحياء عشرات الأمسيات الطائفية في المدن والقرى الخاضعة لها، تحت عناوين متعددة هدفها التأثير على المواطنين ودفعهم إلى الالتحاق بصفوفها في جبهات القتال. لكن ذلك لم يعد يجدي نفعا مع توسع حالة السخط الشعبي حتى في حواضنها الشعبية.

وتتجه قيادة المليشيا إلى الفتاوى الدينية بالتوازي مع الحشد الشعبي والخطاب الإعلامي، بعد ارتفاع وتيرة فرار عناصرها من جبهات القتال، خصوصاً في الساحل الغربي وعلى تخوم مدينة الحديدة ووصول طلائع قوات الجيش الى مناطق متقدمة من معقلها الرئيسي في محافظة صعدة شمالي البلاد.

مواضيع متعلقة

اترك رداً