حوادث الغرق بسواحل عدن..قصة البحر الذي يسرق أرواح الناس!

img
تقارير 0

 

عمر محمد حسن «سبتمبر نت»

ليست الحرب وحدها من تقتل اليمنيين فحسب بل ثمة عوامل أخرى طبيعية تقتل أكبر قدر ممكن من المواطنين كل يوم وكما أن للبحر قداسة خاصة لدى سكان مدينة عدن  العاصمة المؤقتة للبلاد التي تعيش حراً شديداً هذه الأيام أي مابين (38 إلى 40) درجة مئوية بقدر خشية الأهالي من سخط البحر صيفاً جرى الرياح الموسمية والتي يذهب معها العشرات من المواطنين ضحايا بسبب تقلبات البحر.

ومع ارتفاع درجة الحرارة في المدينة الساحلية عدن ؛ يحرص الناس على ارتياد البحر كل جمعة وذلك للترويح عن أنفسهم وعائلتهم وهروباً من ارتفاع درجة الحرارة إلا أن البحر يشهد هذه الأيام رياحاً وأعاصير تحول دون ذهاب الكثير من الأسر العدنية للشواطئ ناهيك عن ألاف الزوار من المحافظات اليمنية الأخرى بل والسياح الأجانب الذين يعتادون زيارة عدن _إلى ما قبل أربع سنوات_كل صيف لمدينة عرفت بقبلة السياحة.

 

البحر يخون حتى الصيادين

لم تقتصر حوادث الغرق بشواطئ عدن على المواطنين العادين بل حتى الصيادين والعاملين في الحبر هم أيضاً يذهبون ضحايا حركة البحر التي لا ترحم أحد والتي تطرى عليه صيفاً خلال ثلاثة أشهر سنوياً وهي يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول ؛ صيادين رصدوا عدداً كبيراً من حالات الغرق خلال السنوات الماضية بسبب الأعاصير؛  فالبحر لا يفرق بين صياداً ماهراً وأخر يجهل قوانين السباحة.

وبسبب غياب الرقابة على الصيادين يولج البعض إلى الصيد ودخول البحر برغم من عدم معرفته بأدبيات السباحة وهذا ما يعرض حياة الصياد أحياناً إلى الخطر وخاصة في هذه الأيام علماً بأن الأعوام الماضية شهدت غرق صيادين بسواحل بحر “صيره” بعدن فيقتصر عمل الغواصين بعملية الإنقاذ وإجلاء الغرقى بانتشال رأس الغريق أولاً وإخراجه من الماء كي يداوم على التنفس من غير التشبث بالغواص حتى يصل إلى الساحل.

أضحت حوادث الغرق قصص المقاهي وأحاديث الشوارع بمحافظة عدن الساحلية فلا إحصائية رسمية تحدد عدد ضحايا الغرق إلا أن حوادث الغرق _حسب إحصائية غير رسمية_خلال الأشهر الماضية ضمن موسم الرياح البحرية تجاوزت الـ”25″ شخص ماتوا بسواحل محافظتي عدن وحضرموت بسبب الرياح.

عن حوادث الغرق خلال الأشهر الثلاثة الماضية والذين يقعون ضمن موسم “رياح الشمال” الذي يشهد أعاصير ورياح شديدة يتحدث الغواص اليمني “صفوان عمر”  لـ”سبتمبر نت” بقوله ؛ سبق وإن شاركت في عمليات إنقاذ لغرقى في عدد من الشواطئ إلى أن شدة الرياح لا تتيح للغواص الإسراع في عملية الإنقاذ كون الإعصار لا يسمح للإنسان بالصمود في الماء حياً أكثر من (20) ثانية فقط”.

 

الغرق.. المشكلة والحل

تُعرف ظاهرة الغرق حسب خبراء البحار أنها ناتجة عن ولادة رياح وأعاصير شديدة تخلق معها تدفقات شديدة لمنسوب المياه بالنسبة للبحر مما يعجز الإنسان على مقاومتها والتحكم بنفسه إذا ما أبحر بحيث تسرق التموجات قواه من الساحل إلى عرض البحر.

 

من جانبه ؛ يوضح مدير الأرصاد الجوية بمطار عدن الدولي “علوي عبدالله” لـ”سبتمبر نت” ؛ أن الرياح الموسمية تبدأ من منتصف شهر مايو/ايار وتنتهي في نهاية سبتمبر/أيلول من كل عام وهي رياح جنوبية غربية تسبب اضطراب البحر وتتشكل علي أثرها الدومات البحرية التي نسميها الحيسة باللهجة العدنية وتعتبر اختلاف للتيرات البحرية بين السطح والعمق حيث يكون السطح ملامس لحرارة الشمس والعمق بارد وتتشكل علي هيئة منخفضات دورانية أو دومات بحرية ولهذا يتم التحذير من السباحة خلال هذه الفترة من السنة”.

ويكمن الحل بحسب مختصين بتجنب السباحة خلال شهري أيار/وأيلول لكن فترة مابين العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى هي ذروة الغرق ؛ ومن خلال تحذيرات على القنوات الفضائية والراديو والصحف الورقية والالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بإمكان خفر السواحل أن تحد من استفحال الغرق بالإضافة إلى إقامة غرف مراقبة في السواحل ناهيك عن تحذيرات مكتوبة بالشواطئ مع وجود قوارب إنقاذ بكل ساحل للنجدة.

مصادر عمالية بخفر السواحل بعدن ؛ كان قد قال : ؛” أن هذا القطاع الحكومي لا يستطيع أن يقوم بدوره بسبب تعرضه لتدمير من قبل مليشيات الحوثي مثله مثل القطاعات الحكومية الأخرى الذين نالوا نصيبهم من الحرب التي شهدتها عدن بين الفترة 23مارس/آذار و17 يوليو/تموز من العام 2015م ؛ فليس باستطاعة خفر السواحل القيام بدوره وهو الذي يعمل بإمكانيات شحيحة وطاقة تشغيلية ضئيلة”.

 

أخبار الغرق لا تتوقف

عن التهام البحر لأي جسم وخاصة جسم الإنسان في موسم الرياح يفقد الإنسان سيطرته على نفسه بفعل قوة دفع كبيرة تدفع الجسم من الساحل باتجاه البحر مما يتسبب بشد عضلي بالنسبة للغريق قبل “20” ثانية من وفاته بسبب انعدام الأكسجين ليذهب إلى لجة البحر إلا أن البحر سرعان ما يلفظ الإنسان جثة هامدة بعد يومين على أقل تقدير إلى الساحل بعد أن تنتفخ  كما هو الحال للمئات من الغرقى اليمنيين.

وعلى واقع أخبار الغرق وإضرابات البحر ؛ توفي الأسبوع الماضي شاب في العشرين من عمره بساحل “جولدمور” جنوب شرق عدن بسبب الرياح البحرية فيما استطاعت فرق الإنقاذ من إنقاذ شابين اثنين بالساحل نفسه بمديرية التواهي ليتم بعدها إسعافهم إلى إحدى المستشفيات القريبة علماً بأن سواحل عدن التي تنتشر في معظم المديريات كساحل أبين وساحل “كود النمر” و”جولد دمور” و الذهبي والغدير والشاطئ الأزرق وبربرية والعشاق والعروسة وغيره مقصد الزائرين ووجهة العشاق.

من جانبه قال د. أحمد سالم الجرباء مدير مستشفى الجمهورية الحكومي بعدن كبرى المستشفيات في المدينة لـ”سبتمبر نت” ؛ أن المستشفى يعمل على مدار الساعة ولدينا أطباء أكفاء ومناوبين في قسم الحوادث والطوارئ وذلك من لاستقبال مثل هذه الحالات أي الغرق_ ولدينا أقسام العناية المركزة والأجهزة والأدوية اللازمة”.

وتعيش المحافظات اليمنية الواقعة على محاذاة الساحل الجنوبي والجنوبي الشرقي للبلاد  وعددها ست محافظات وهي “لحج وعدن وأبين وشبوة وحضرموت ” على امتداد أكثر من “1500” كيلو متر خطراً محدقاً وخاصة خلال أشهر الرياح الموسمية هذه الأيام وسط تحذير حكومي بإلزام المواطنين بعدم الغوص في هذه الأشهر والسبب يعود إلى ضعف الإمكانيات وتدمير قطاعات خفر السواحل بسبب الحرب.

 

يغرقون بلا نجدة

لا توجد إحصائية رسمية لدى قوات خفر السواحل اليمنية بالعاصمة المؤقتة للبلاد عدن بأعداد الغرقى خلال يوليو/تموز  وأغسطس/ الحالي لهذا العام بسبب ما تعرض له قطاع خفر السواحل من تدمير ومع عودة الحكومة اليمنية إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن وتحرير عدن من المليشيات بدأت قطاعات حكومية أخرى بمن فيها خفر السواحل باستعادة الحياة في أروقتها هذا وتبلغ سواحل المحافظة التي تحوي على ثمان مدن وسواحل بحرية على امتداد الشريط الساحلي تبلغ أكثر من “180” كيلو متر مع الجزر التابعة لها.

 

هذا وكانت قوات خفر السواحل بمحافظة حضرموت جنوب شرق اليمن البلاد قد سجلت عشرات حالات الإنقاذ للغرقى نجح بعضها ومات معها أكثر “14” شخص خلال شهر يوليو/تموز بسواحل مدينة المكلا الساحلية إثر ارتياد البحر للكثير من الأسر اليمنية من مختلف مدن حضرموت والمحافظات اليمنية الأخرى كان هذا بالتزامن مع إعلان المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة الأربعاء قبل الماضي عن غرق أكثر “50” مهاجراً صومالياً قبالة سواحل محافظة شبوة.

أكثر من “75” غريق خلال الأشهر القليلة الماضية ذهبوا صرعى بمن فيهم اللاجئين الصوماليين بطول السواحل الجنوبية للبلاد أغلبهم لا يتجاوز أعمارهم “16”عاماً بواقع “8” بمحافظة عدن لوحدها هذا العام  في شهر واحد حسب معلومات غير رسمية ؛ ومن المرجح أن يرتفع العدد خلال الشهرين القادمين.

ويصف غواصين محليين بعدن لـ”سبتمبر نت” ؛ أن هذا العدد ضئيل جداً مقارنة بالسنوات الماضية ففي الأعوام التي سبقت الحرب كانت شواطئ عدن مزارات يومية للآلاف من الأسر القادمة من محافظات يمنية أخرى كصنعاء وإب وتعز وغيرها وقضاء فترة الصيف بسواحل عدن إضافة للقادمين من الدول المجاورة الذين توقفوا السفر إلى عدن خلال الثلاث السنوات الماضية بسبب الحرب.

مواضيع متعلقة

اترك رداً